لفظ مساء أمس، شاب في العقد الثالث من العمر، أنفاسه الأخيرة في الطريق من بشار إلى وهران بعد أن أقدم على حرق نفسه، بسكب كمية من البنزين على جسده أمام مرأى المئات من المواطنين الذين كانوا داخل سوق بوهلال الشعبي، ليرتمي فيما بعد في أحضان ضابط شرطة حاول منعه من حرق نفسه، والذي أصيب بدوره بجروح من الدرجة الثانية، وبمجرد انتشار خبر وفاة الشاب تجمع العشرات من تجار الرصيف بسوق بوهلال في بشار ودخلوا في مناوشات مع قوات الأمن. انطلقت أحداث هذه الواقعة الخطيرة عندما سكب الشاب البنزين على جسده، احتجاجا على محاولة أفراد الأمن منعه من البيع قبالة السوق، ومطالبته بإخلاء الرصيف المحاذي لسوق بوهلال، والمقابل لسكنات حي شعبي طالب سكانه أكثر من مرة بإيجاد حل جذري للفوضى التي تطبع محيط هذا السوق، وهو ما رفضه هذا الأخير، فقرر إضرام النار في نفسه والتوجه نحو أحد ضباط الشرطة وارتمى عليه في موقف عجز شهود عيان حضروا الواقعة عن تفسيره، فهل كان الشاب يسعى لحرق ضابط الشرطة الذي أمره بإخلاء المكان، أم أن الأمر مجرد صدفة؟ ولاسيما أن الشاب قرر الجري يمينا وشمالا بشكل أعجز الجميع عن توقيفه وإطفاء النار المشتعلة به، فيما اعتبر شهود أن الشرطي هو من بادر بإلقاء نفسه، سعيا منه لإخماد النيران التي اشتعلت في مختلف أنحاء جسمه، كما طال الحريق جهازه اللاسلكي. من جهتها اعتبرت مصالح الشرطة أن دخول أفرادها في مناوشات مع هذا التاجر، كان بسبب الاستجابة لمطلب السكان، الذين راسلوا مصالح الشرطة أكثر من مرة، لتخليصهم من هذا المشكل الذي أرقهم لسنوات، كما اعتبر مصدر مسؤول أن أفراد الشرطة قرروا كعادتهم إخلاء الرصيف من الباعة الذين يستقطبون أعدادا هائلة من الزبائن، ما بات يتسبب في اختناق حركة المرور، كون السوق يتواجد في قلب المدينة. كما أن هناك مساع للسلطات المحلية في سبيل كبح ظاهرة الافتراش، التي يستخدمها التجار، من خلال عرض وبيع الخضر وبعض السلع على جانب الطريق. ولأن مستشفى بوجمعة ببشار لا يتوفر على الوسائل الضرورية، فقد تم نقل الشاب بواسطة سيارة إسعاف، فلفظ أنفاسه الأخيرة في الطريق إلى وهران. وبمجرد تلقيهم الخبر، تجمع العشرات من تجار الأرصفة بسوق بوهلال، قبل أن تحاصرهم قوات الأمن التي واجهتت غضب المحتجيين بالقنابل المسيلة للدموع، واستمرت الاحتجاجات إلى ساعة متأخرة من مساء أمس.