خلفت مشادات شهدتها، يوم أمس، مدن سورية بين المؤيدين والمعارضين للنظام الحاكم في دمشق ثلاثة قتلى وعددا من الجرحى، وحسب ما نقلته وكالة ''رويترز'' الإخبارية، فإن القتلى سقطوا بمدينة حمص وقرية الميادين بمحافظة دير الزور. هذه الأحداث سجلت بعد أن طوّر الرئيس بشار الأسد قرار عفوه في حق الموقوفين لأسباب سياسية، من عفو خاص بموقوفين معينين إلى عفو شامل، وقد جاء مرسوم العفو بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من قول الأسد بأنه سيستشير وزارة العدل قبل توسيع عفوه، وهو ما يعني أن فكرة العفو الشامل لم تكن واردة لكن الأحداث التي أعقبت الخطاب فرضتها. وحسب الشهادات الواردة يوم أمس من سوريا، فإن مئات الموقوفين غادروا مراكز الاحتجاز وعادوا إلى منازلهم، وفي ظل غياب أرقام رسمية من السلطات الرسمية، فإن عدد المفرج عنهم يبقى مجهولا، مع الإشارة إلى أن الرئيس بشار الأسد أشار في خطابه الأخير إلى وجود أربعة وستين ألف مطلوب للعدالة، دون أي توضيحات أخرى عن طبيعة المخالفات التي توبع على أساسها هؤلاء. وعن مسيرات التأييد، نقل التلفزيون الرسمي السوري مسيرات ضخمة في عدد من المدن منها العاصمة ودرعا في جنوب البلاد، التي شهدت مولد الحركة الاحتجاجية، وقبل انطلاق هذه المسيرات التي قدرتها جهات رسمية بعشرات الآلاف، كان حزب البعث السوري قد دعا كل العاملين السوريين في القطاع العام إلى المشاركة المكثفة في حركة التأييد هاته، كما شارك فيها عمال من القطاع الخاص المحسوبين على السلطة. لكن مقابل هذا تظاهر كذلك آلاف السوريين في بعض أحياء العاصمة دمشق وفي ريفها القريب منها، وفي مدن حلب وحمص واللاذقية والبوكمال وحماة وإدلب ودرعا، معبرين عن رفضهم لما جاء في خطاب الأسد وجددوا شعاراتهم المطالبة بإسقاط النظام. وكعادتها واجهت قوات الأمن السورية هؤلاء المحتجين بالرصاص لتفريقهم كما نقلت ''رويترز'' عن ناشطين، لكن وحسب ذات الوكالة، فإن عناصر من الجيش والشرطة وبلباسهم الرسمي شاركوا في المسيرات المساندة للنظام الحاكم. وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري إلى وقف أعمال العنف والقمع التي تستهدف المتظاهرين المناهضين للحكومة السورية، وحسب البيان الذي أصدره البيت، فإن أوباما اتصل هاتفيا بعد خطاب الأسد بأردوغان وبحثا الوضع في سوريا، خاصة الجانب المتعلق بقمع المحتجين، واتفقا على أنه يتوجب على الحكومة السورية أن تضع حدا لعنفها ضد مواطنيها فورا، وأن تطبق سريعا إصلاحات محسوسة تحترم التطلعات الديمقراطية. إنسانيا أعلن رئيس منظمة الصليب الأحمر الدولي في ختام مباحثاته مع المسؤولين السوريين أن سلطات دمشق وافقت على وصول المنظمة إلى المناطق المضطربة، ووعدت بالنظر في طلب زيارة المنظمة المعتقلين في السجون السورية. من جهة أخرى أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة أن بلدة جسر الشغور والقرى المحيطة بها والتي اقتحمها الجيش السوري، قبل عدة أيام، بدت شبه مهجورة.