يُسلِّط الأستاذ جلول جيلالي، الباحث في التراث الثقافي بمعسكر، الضوء على جانب من حياة ويوميات مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر خلال شهر رمضان، في فترة إقامته بدمشق رفقة حاشيته وبعض العلماء الّذين فضّلوا البقاء إلى جواره. أكّد الباحث خلال زيارة ''الخبر'' إلى مسكنه، أنّ مجموعة من المؤرّخين والكتّاب والباحثين ''أجمَعوا أنّ الأمير عبد القادر والمقرّبين إليه ممّن كانوا معه في المهجر بسوريا، أمثال مصطفى التهامي، قضوا الشّطر الأخير من حياتهم، لاسيما شهر رمضان العظيم، في العبادة والوعظ والإرشاد''. وتطرّق الباحث في حديثه إلى استخلاص مجموعة من الوثائق والأدلة الّتي مكّنته من الاطلاع وحصر المعلومات عن حياة الأمير خلال شهر رمضان. وأشار المتحدث إلى أنّ هذا الأخير كان يدرس ضمن حلقات للعلم والمعرفة القرآن الكريم، كوثيقة يشرح من خلالها الأمير سورة القدر بالمسجد الأموي بدمشق. كما كان يرد على مجموعة من الرسائل، كالّتي بلغته من الشيخ الحاج البشير بن حوى، الّتي سأل فيها عن فضل هذا الشّهر العظيم. وشهادة رسالة أخرى يرجع تاريخها إلى 30 جوان من سنة 1872م موجّهة من الشيخ محمد البشير القادوي المقيم بدمشق إلى عائلته بمعسكر، تضم معلومات تشهد للأمير بدعوته النّاس في شهر رمضان لرصّ صفوفهم وتوحيد كلمتهم والإكثار من العبادات وإحياء اللّيالي الرمضانية. وشهادة أخرى من كاتب الأمير، العلاّمة مصطفى التهامي الّذي كان يؤمّ المصلّين بالمسجد الأموي بدمشق، تحثّ على العبادات وصلة الأرحام والأقارب والعطف على الفقراء والمحتاجين وتنظيم حلقات لتفسير القرآن الكريم بعد صلاة العصر والذِّكر والابتهال والتّضرّع حتّى طلوع الفجر، مع الحاشية كلّها وجميع أهالي دمشق. وبالمسجد الأموي يضيف الأستاذ جيلالي كان الأمير مدرّساً ومصطفى التهامي إماماً ومدرّساً، مورداً كلام كثير من علماء دمشق سلّطوا هُم بدورهم الضوء على حياة ويوميات الأمير خلال شهر رمضان، حيث أشاروا إلى أنّه في أوّل يوم من شهر رمضان سنة 1274ه ،افتتح الأمير فيها التّدريس بصحيح البخاري، بحضور مشايخ عدّة. وكان يجلس لأقرانه بعد صلاة الظهر إلى أن يُصلّي العصر. وكان درسه منوّراً، يقول مفتي دمشق أمين أفندي، كما كان يحضره الأذكياء من الطلبة. وكان يصنَع لهم الوليمة ويدعوهم لتناول الفطور معه. وكان يختم صحيح البخاري في آخر يوم من رمضان. ويجيز الطلبة الأذكياء. الباحث جلول جيلالي حصر نشاط الأمير خلال هذا الشّهر الفضيل في تلاوة القرآن وشرح آياته، وحثّ النّاس على الإكثار من فِعل الخير، وقيام اللّيل والإنفاق على المحتاجين. كما أعْطَى علماء منطقة غريس حيّزاً مهماً من مراسلاته.