المقرئ الشيخ عبد الرّحمان بن منوفي، البالغ من العمر ثمانٍ وعشرين سنة، المنحدر من ولاية أدرار والمقيم بولاية فالمة منذ العام ألفين وسبعة، هو من أبرز مقرئيها، يعطّر النّدوات واللّقاءات التي تتم عبر الأثير، ويفتتح مختلف الملتقيات، ويقيم الصّلوات الخمسة والتّراويح. التقته ''الخبر'' بمسجد ''الإمام مالك'' وسط مدينة فالمة. ما المسار الذي اتّبعتموه حتّى بلغتم مرتبة مقرئ الولاية؟ اهتمامي بحفظ كتاب الله بدأ في سن باكرة منذ الخامسة من عمري، حيث أخذتُ القرآن عن جدي عبد الله بن منوفي، ثمّ انتقلت إلى مدرسة الشيخ باي بلعالم بولاية أدرار، حيث أخذتُ تعاليم الدِّين وحفظ القرآن عن الشيخ لقصاص محمد. وعند بلوغي مرحلة التّعليم المتوسط التحقتُ بمدرسة ''النور الشرعية'' الكائنة برفان ودرستُ بها على يد الشيخ دباغي، وفي العام ألفين وسبعة حصلتُ على منصب مقرئ بمسجد الإمام مالك بولاية فالمة التي أقيم بها إلى اليوم. ما هو برنامج عملكم لشهر رمضان؟ خلال الشّهر الكريم أستعد لإجراء حلقات تجويد القرآن، والتّصحيح عبر الأثير، إقامة التّراويح والصّلوات الخمس، وتقديم مختلف الفتاوى ولكن التي أخذتها عن العلماء ودونما اجتهاد. وهذا النشاط المكثّف تبعاً لما للشهر من أهمية، وهو جزء من عمل أشمل يضم مختلف التظاهرات التي تجرى على مستوى الولاية، من افتتاح للندوات والملتقيات المختلفة. هل ينحصر دور المقرئ في تلاوة القرآن فحسب؟ قراءة القرآن هي إرضاء لله عزّ وجلّ أوّلاً، ثمّ الهدف منها هو إحداث تأثير في النّاس، فالقراءة الحسنة والصوت الجميل لهما الأثر البالغ في نفوس الناس، بدليل أنّ العديد منهم لم يكن يُصلّي ونتيجة تأثّرهم بصوتي جذبتهم وعادوا إلى جادة الطريق، وهذا هو الغرض هو إحداث استجابة في الآخر. كما أنّ مسجد الإمام مالك اليوم أصبح قبلة للمصلّين من مختلف أنحاء الولاية، والقراءة بعد ذلك هي تربية أخلاقية واجتماعية. ومع أنّ دوري أنَا يرتبط بشكل كبير بالكبار على وجه التّحديد، لكن المسجد أيضاً يؤمّه الصغار وهذا لتحقيق نفع أكبر. البعض يعزف عن قراءة ''ورش'' نتيجة الصعوبة التي تميّزها، فما رأيكم؟ بالنسبة لقراءة القرآن أفضّل أن تكون على طريقة ورش، باعتبارها القراءة الخاصة والمميّزة للمغرب العربي وللجمهورية الجزائرية، ومَن يعزف عنها فذلك فشلٌ منه كونها ليست صعبة، بل مَن يقرأ على هذه الطريقة يُفلِح في غيرها ولا توجد أيّة صعوبة فيها. وما هي الطريقة المُثلَى لقراءة القرآن وترسيخه؟ القرآن عادة يُقرأ في الألواح وهي أفضل الطرق لترسيخه، وهي أكثر فعالية من الاعتماد على القراءة شفاهة من الكتاب الكريم، حيث إنّ قارئ القرآن يتّبع سلسلة من الخطوات تبدأ من الكتابة على اللوح والشّيخ يملي على المتعلم، وحين يفرغ منها يجد أنّ ما كتبه قد بدأ يرسّخ بذهنه، ثمّ يقوم بالتّصحيح، ويعيد قراءتها على الشيخ مجدّداً، وكلّها مراحل تدعّم ترسيخ ما تلقاه، أمّا القراءة من الكتاب فيسهل نسيانها. والنّصيحة التي أقدّمها في هذا الشأن لتذكر ما حفظه القارئ، هي المواظبة وكذلك التكرار الدائم، فالقرآن غرس وسقي مستمران، وأعتمد أنا في قراءة القرآن على المزج بين التّجويد والتّرتيل، وهناك مَن يعتمد على طريقة الحدر. ما هي النّصيحة التي تقدّمها للنّاس عموماً في شهر رمضان؟ أحثّهم على قراءة القرآن والاجتهاد على ختمه ولو مرّة واحدة، ولكنّي لا أطلب من النّاس أن يعكفوا على قراءة القرآن وحده، فثمّة أعمال وواجبات نؤدّيها في الدنيا وهي عبادة في الأصل، خاصة إذا كان طابعها إنسانيا، أنا أدعوهم فقط إلى شغل أوقات فراغهم بذكر الله وحفظ ما تيسّر من القرآن الكريم.