أقام يوسف الصدّيق في بيت عزيز مصر، منعّماً مكرّماً، وكان فائق الحسن والجمال. فلمّا شبّ وكبر، عشقته امرأة العزيز (زوجة سيّده) وشغفت به حُباً ودعته إلى نفسها، وكان ذلك بداية المحنة الثانية له، وكانت الأولى عندما حسده إخوته ورموه في الجُبّ. لقد كان يوسف طاهر النّفس عفيف الخُلق مستقيم السيرة، ولذلك استعصى على تلك الفتنة العارمة، ووقف في وجه الشّهوة والإغراء موقف المؤمن الحازم لأمرين اثنين: الأول: الإيمان بالله الّذي عمر قلبه، والسيرة العطرة الّتي نشأ عليها في حجر أبيه وجدّه. والثانية: أنّ زوجها هو سيّده الّذي أحسن إليه وأكرم مثواه وأمنه على ماله وعِرضه. هاج هائج الغرام في قلب امرأة العزيز، فغلّقت الأبواب ودعته صراحة إلى نفسها، ولكنّه امتنع وأبى، وظلّت تلاحقه وهما يستبقان الباب، هو يُريد فتحه هرباً، وهي تحول بينه وبين الباب طلباً للفاحشة، فقَدَّت (شقّت) قميصه من دُبُر. وفي هذه اللحظة، كان قد وصل زوجها فوجدهما في هذه الحالة المريبة، فشكت يوسف لزوجها زاعمة أنّه راودها عن نفسها، فامتنعت منه {وشَهِد شاهد من أهلها إن كان قميصه قُدّ من قُبُل فصدقتْ وهو من الكاذبين. وإن كان قميصه قُدّ من دُبُر فكذبتْ وهو من الصّادقين. فلمّا رأى قميصه قُدَّ من دُبُر قال إنّه من كيدكن إنّ كيدكن عظيم. يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنّك كنتِ من الخاطئين}.