قصّ علينا القرآن الكريم قصة سليمان مع ملكة سبأ، وهي قصة رائعة فيها مغزى دقيق للملوك والعظماء، وفيها بيان لسعة مُلك سليمان، حيث امتدّ من بيت المقدس إلى أقاصي اليمن، ودانت له الملوك والأمراء. كان جند سليمان مؤلّفاً من الإنس والجن والطير، كلّ له عمل يقوم به، وتفقّد سليمان الطير يوماً فلم يجد ''الهُدهد''، فعدّ ذلك جريمة اقترفها وهدّده بالذبح أو التّعذيب إلاّ إذا أتاه بعُذر مقبول عن سبب هذا التّخلّف. فلمّا جاء الهُدهد، سأله عن غيبته، فأخبره أنّه كان في اليمن في بلدة سبأ، هناك ملكة تسمّى ''بلقيس'' قد ملكت على تلك الأمّة، ولها عرش عظيم فيه أنواع الزينة والجواهر، وأنّها وقومها وثنيون يعبدون الشّمس ويسجدون لها من دون الله. تعجّب سليمان من هذا الخبر، وأراد أن يختبر الهدهد، هل هو صادق في خبره أم كاذب؟ فأعطاه كتاباً ليوصله إلى الملكة، فذهب الهدهد إلى اليمن وألقاه على سريرها، وكان فيه الدعوة إلى طاعة الله وطاعة رسوله، والإنابة والإذعان إلى الخضوع لملكه وسلطانه، فأخذت الملكة الكتاب وفتحته فإذا به: {إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرّحمن الرّحيم، ألاّ تعلوا عليَّ وأتوني مسلمين}. بتصرف، من ''النبوة والأنبياء'' للصابوني