لم يخرج خطاب ومواقف الملك المغربي تجاه الجزائر عن ازدواجية المراوحة بين دعوتها للحوار وتجاوز الخلافات وبناء اتحاد المغرب عربي، وبين اتهامها بالوقوف وراء جبهة البوليزاريو والتسبب في وضع غير إنساني للصحراويين في مخيمات تندوف. أكد الملك المغربي، محمد السادس، في خطاب ألقاه أول أمس في ذكرى الغزو المغربي للصحراء الغربية، استعداد الرباط للحوار والتشاور والتكامل والتضامن وتجاوز الانغلاق والخلافات. وقال محمد السادس إن ''المغرب يؤكد استعداده، سواء على الصعيد الثنائي، وخاصة مع الجزائر الشقيقة، في إطار الديناميكية البناءة الحالية، أو على المستوى الجهوي، للتجسيد الجماعي لتطلعات الأجيال الحاضرة والصاعدة''، مشيرا إلى أن ذلك سيمكن من ''انبثاق نظام مغاربي جديد، يتجاوز الانغلاق والخلافات العقيمة، ليفسح المجال للحوار والتشاور، والتكامل والتضامن والتنمية، ووضع نظام مغاربي جديد يشكل، بدوله الخمس، محركا حقيقيا للوحدة العربية، وفاعلا رئيسيا في التعاون الأورو - متوسطي وفي الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء والاندماج الإفريقي''. واعتبر الملك المغربي أنه ''آن الأوان ليتحمل كل طرف مسؤوليته، فبدل الخضوع لنزعات الجمود والتجزئة والانفصال، يتعين اتخاذ قرارات اندماجية وتكاملية ومستقبلية شجاعة، واستثمار الفرص الجديدة التي تتيحها التحولات التي تعرفها المنطقة العربية والمغاربية''. لكن الملك محمد السادس يتحول سريعا من الخطاب السياسي الداعي إلى الحوار والتأسيس لعلاقات جديدة بين المغرب والجزائر، إلى خطاب يتهم الجزائر بخلق أسباب التوتر في المنطقة والقيام بمناورات ومحاولة زعزعة ما يعتبره ''وحدة ترابية'' للمغرب، كما يتهم الجزائر بانتهاك حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، قائلا: ''إن مواطنينا في مخيمات تندوف ما يزالون يعانون، في منطقة معزولة ومغلقة، أبشع أساليب الحرمان والقمع والإهانة، في تنكر لكرامتهم وحقوقهم الأساسية المشروعة''. مضيفا: ''نجدد رفضنا لهذا الوضع غير الإنساني المهين، وللمناورات السياسوية الدنيئة، لخصوم وحدتنا الترابية''. ويشير خطاب الملك المغربي إلى محاولة الرباط تجاوز الواقع السياسي لقضية الصحراء الغربية، التي تعتبرها اللجنة الرابعة للأمم المتحدة قضية تصفية استعمار، وتجاهل المفاوضات الجارية بين المغرب وجبهة البوليزاريو تحت إشراف أممي، من خلال محاولته فرض التصورات المغربية لحل قضية الصحراء الغربية التي يصفها ب''نزاع إقليمي مفتعل''، عبر مبادرة الحكم الذاتي والتلاعب بالقرارات الدولية، قائلا إن ''المغرب ملتزم بتفعيل توجهاته السيادية ومواصلة التعاون مع الأممالمتحدة وكل الأطراف المعنية للمضي قدما في مسار المفاوضات وفق المقاربات الخلاقة، التي طرحها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي''، وكذا ''التنفيذ التام لقرارات مجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه''، لكنه يؤكد أن هذا الالتزام يكون ''على أساس مبادرتنا للحكم الذاتي... والوحدة الوطنية والترابية للمملكة''. ويسعى الملك محمد السادس إلى تجاهل جبهة البوليزاريو، ويصف قيادة الحكومة الصحراوية بأنها تتبنى ''مزاعم وينصبون أنفسهم كممثلين حصريين لساكنة المنطقة، في محاولة يائسة منهم لإخفاء غياب أي سند قانوني، أو دعم شعبي، أو شرعية ديمقراطية، لتمثيلهم للصحراويين''.