عاشت المدن السورية، أمس، حالة من الغليان السياسي، ففي الوقت الذي كانت السلطات الرسمية تدعو المواطنين للمشاركة في أولى انتخابات محلية، كانت المعارضة تدعو للالتزام بالإضراب العام، فكانت النتيجة، وفقا لتقارير إعلامية، ضعف الإقبال على مراكز الاقتراع وتجاوب متباين مع الإضراب، حيث أن أهم الشوارع التجارية في دمشق سجلت تراجعا في الحركة الاقتصادية، بالرغم من فتح المحلات أبوابها، في مقابل ذلك سجلت الجامعات والمدارس تجاوبا مع الإضراب. وفي سياق متصل أكدت التقارير استمرار الاشتباكات بين الجيش السوري الحر المنشق والجيش السوري الرسمي بمدينة حمص، التي أشاعت المعارضة أنها تواجه تهديد حدوث ''مجزرة في حق المدنيين''، بحجة إيوائهم عناصر من الجيش المنشق، في غضون ذلك كشفت مصادر مقربة من الرئيس السوري بشار الأسد قوله ''الوقت لم يفت لاحتواء الأزمة وتجنّب الحرب الطائفية في المنطقة''، في إشارة إلى أن الرئيس الأسد سيلقي خطاب قبل نهاية السنة، قد يكون ذلك خلال أعياد الميلاد. تأتي هذه التطورات في الوقت الذي يستمر تعثر المساعي العربية بشأن إرسال وفد مراقب، بعد تأكيد الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، أن غالبية الدول العربية ترفض قبول الشروط السورية، وفي نفس الوقت تسعى للإبقاء على حل الأزمة السورية في الإطار العربي، مشيرا في سياق حديثه إلى أن الاجتماع الوزاري المقبل من شأنه تحديد الموقف من الأزمة التي تعيشها سوريا. وعلى صعيد موازي يستمر المجلس الوطني السوري في تكثيف اتصالاته مع الدول الغربية من أجل العمل على إيجاد حل يُسقط النظام القائم في سوريا بأقل الأضرار على المدنيين، في إشارة إلى تنحي النظام دون اللجوء إلى التدخل العسكري الأجنبي. بهذا الخصوص تقدم رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، بمقترح أكد فيه استعداد المعارضة السورية والمجلس للتحاور مع ''ممثلين عن مؤسسات في السلطة في سوريا من أجل إيجاد مخرج''، موضحا، في سياق حديثه لجريدة ''دير شبيغل'' الألمانية، أن المجلس الممثل للشعب السوري ''غير مستعد للتفاوض مع القتلة، ولكننا على استعداد للتحدث إلى سلطات مدنية أو عسكرية لا تمثل النظام بقدر ما تمثل المؤسسات''. تأتي هذه التصريحات للتأكيد مرة أخرى رفض المجلس السوري لفكرة التدخل العسكري الأجنبي، على اعتبار أن غليون عاد ليؤكد ''لم تستنفد كافة الوسائل الدبلوماسية بعد في مساعي حل الأزمة السورية''. وقد برر غليون هذا الموقف بالرغبة في تجنيب سوريا حالة من الفوضى على إثر سقوط النظام بكل مؤسساته، مثلما حدث مع عدد من الدول العربية التي عرفت تغييرا في أنظمتها، فوجدت نفسها تتخبط في حالة من الفوضى صعب الخروج منها.