حذرت أحزاب المعارضة القضاة من الوقوع في فخ السلطة، التي تسعى إلى تحميلهم العبء التاريخي والسياسي للانتخابات التشريعية المقررة في الربيع المقبل، دون منحهم الصلاحيات القانونية الكافية، أو توفيرالوسائل والأدوات والظروف المناسبة لهم، من حيث إبعاد سلطة الإدارة عن المفاصل الرئيسية في العملية الانتخابية، كالقوائم الانتخابية وتعيين رؤساء مراكز ومكاتب الانتخابات. قال أمين عام حركة النهضة فاتح ربيعي ل''الخبر'' إن ''السلطة بصدد توريط جهاز العدالة في التشريعيات، كون قانون الانتخابات الجديد لا يعطي أي صلاحيات للقضاة في الإشراف الرقابي على الانتخابات''، مشيرا إلى أنه في ''ظل هيمنة الإدارة التي تدير العملية الانتخابية، يصبح وجود القضاة شكليا هدفه إضفاء المصداقية على فعل الإدارة، وإيهام الرأي العام بالنزاهة''، موضحا أن ''عملية تجميع محاضر الفرز في اللجان البلدية والولائية ستكون تحت إشراف الإدارة وحدها، وبالتالي فإن القضاة المعينين مهمتهم المصادقة على النتائج''. من جانبه أكد رئيس جبهة التغيير الوطني قيد التأسيس عبد المجيد مناصرة، ''أن قانون الانتخابات الجديد منح الإشراف الرقابي على الانتخابات للقضاة دون أي صلاحيات أو ضمانات، ما يوحي أن الأمر مجرد ذر للرماد في العيون لكسب مصداقية التشريعيات''، موضحا أنه ''ما دامت الإدارة تعين وتسيطر على تنظيم الانتخابات، ودون أن يتواجد قاض على الأقل في كل مركز انتخابي فلن يكون للقضاة أي رقابة فعلية''، وقال إنه ''من الخطأ تحميل القضاة مسؤولية الإشراف على آلة إدارية تتحرك بالتعليمات الشفوية ولا تخضع للقانون''. وفي نفس السياق، أوضح رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي أن ''السلطة مطالبة بإجراءات إضافية تمنح بموجبها للقضاة كامل الصلاحية في إدارة الانتخابات والإشراف الرقابي عليها، وكذا تقليص سلطة الإدارة على مكاتب ومراكز التصويت''. وحذر تواتي من أن تكون السلطة ''بصدد استغلال القضاة لإيهام الرأي العام بنزاهة الانتخابات فقط''. وأكد ''أن 4922 قاض يمكنهم الإشراف على 53 ألف مكتب انتخاب، لو منحت لهم الصلاحية الكاملة، وفي حالة استعانتهم بمرافقي جهاز العدالة كالمحامين والموثقين وكتاب الضبط لمراقبة العملية الانتخابية''. وقال رئيس حزب ''الحرية والعدالة'' قيد التأسيس: ''إن ما تم لحد الآن من قرارات هو خطوة إيجابية لضمان نزاهة الانتخابات، لكنها غير كافية وتحتاج إلى ضمان استقلالية القضاء في الميدان''، موضحا أنه ''يجب تكريس عملية فصل السلطات، وأنه يتعين إخراج السلطة القضائية من دائرة نفوذ السلطة التنفيذية، لأن الإبقاء على القضاء بيد السلطة التنفيذية فهذا يعني أنها ستستغل جهاز القضاء''. وعبّر السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، علي العسكري، عن عدم ثقته في نوايا السلطة منح القضاة الإشراف على الانتخابات، مشيرا إلى أنه ''مادام القاضي معينا فلن يكون بإمكانه الخروج عن إرادة السلطة، بدليل أن القضاة كانوا يشرفون على الانتخابات في تشريعات 1997 ولم يمنعوا التزوير''.