قررت الحكومة الفرنسية تمرير القانون الذي يعاقب كل من ينكر ''إبادة الأرمن'' - بالسجن وغرامة مالية- أمام مجلس الشيوخ قبل نهاية الشهر الجاري، بعدما صادقت عليه الغرفة السفلى للبرلمان بحضور 50 نائبا، في 22 ديسمبر الماضي. وقد ترتبت عن قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن قطيعة شبه كاملة مع حكومة أنقرة باستدعاء سفيرها من باريس وتعليق العلاقات العسكرية والدبلوماسية والتجارية. لكن الحزب الحاكم في فرنسا لا يبدو مباليا بتدهور العلاقات مع تركيا فيحاول ربح الوقت، قبل موعد أفريل القادم في محاولة حصد أصوات الأرمن. غير أن القانون المتعلق بالأرمن خلق توترا بين الأحزاب الفرنسية وحتى داخل أروقة الحزب الحاكم. وقد تبين ذلك في موقف وزير الخارجية الذي انتقد المشروع من أساسه، كون التشريع في الذاكرة ليس من صلاحية البرلمانات. ونشب جدل بين المؤرخين أنفسهم والمثقفين والصحفيين. ودخل القراصنة في الحلبة، يتصدرهم مجموعة أطلقت على نفسها ''أكنسيلار'' الذي قرصن موقع فليري بوير، التي تقدمت بالمشروع أمام الجمعية الوطنية الفرنسية. وفي الآونة الأخيرة وجه سهامه إلى وجه الوزير السابق باتريك دفجيان، من أصول أرمينية، وكتب القراصنة على موقعه: ''لن نسقط في الخطأ بإصدار قانون خاص بإبادة الجزائريين لأننا نعرف أن المؤرخين سيقومون بذلك''. واعترف ديفجيان بقرصنة موقعه متذرعا ب''حتمية قانون معاقبة الإنكار مادام بلد أجنبي يهاجم مؤسسات دولة ديمقراطية''، كما قال. لكن القراصنة يجيبونهم بمهاجمة ''جميع المواقع الفرنسية، بلا تمييز'' بسبب العداء الدفين من خلال ''إصدارات تهاجم عقيدتنا وقيمنا''، يكتب أصحاب الموقع. وقد أصدرت فرنسا قانونا يعترف بإبادة الأرمن في 2001 ثم عرض مشروع معاقبة من ينكر ''الإبادة'' في 2006 قوبل بالرفض من طرف مجلس الشيوخ في نفس السنة. الآن وقد أضحت الأغلبية في مجلس الشيوخ في صالح الاشتراكيين، فستكون العملية حاسمة في الفصل بين التيارين المنافسين على السلطة في فرنسا من الشأن التركي.