المستعمر نقل المخطوطات إلى العاصمة على ظهر دابة أكد الكاتب والمجاهد الدكتور، محمد مرتاض أن المستعمر الفرنسي نهب أكثر من خمسين مخطوطا نادرا من خزائن تلمسان، وأضاعها في الطريق إلى العاصمة، عندما نقلها على ظهر دابة. معتبرا، في حوار مع ''الخبر''، أن الأمر واحد من جرائم المستعمر في حق تراث الشعب الجزائري. شاركت في ملتقى التاريخ الأدبي لعاصمة الزيانيين، إلى أي مدى يمكن لهذه الملتقيات الإسهام في التنقيب عن مكنونات الأدب الجزائري؟ هذه الملتقيات تمثل بلاشك فرصة للمثقفين في الجزائر والعالم العربي عامة، وتلمسان خاصة، للوصول إلى كثير من الكنوز المغيبة لظروف مختلفة، إما لأن أصحابها يضنون بها عن المثقفين تارة، وإما لأنها أهملت لظروف أخرى. أحسن مثال على ذلك المخطوطات التي نهبها الاستعمار الفرنسي لما دخل تلمسان غازيا، وتحكي الروايات أن حجمها فاق الخمسين مخطوطا نادرا، كل مخطوط بألف صفحة وليس ورقة، ونقل هذه الكنوز على ظهر دابة من تلمسان إلى الجزائر العاصمة، وضاع أغلبها في الطريق، وهي واحدة من جرائم الاستعمار في حق تراث الشعب الجزائري. ويعلم العديد من الباحثين أن ما تبقى من مخطوطات أدبية هامة يوجد بالخزائن المغربية والتركية، بحكم العلاقة التاريخية مع هذين البلدين. وهذه الملتقيات بذلك بمثابة دعوة كريمة للباحثين والجامعيين للتنقيب في تاريخنا الأدبي. والإشكال الذي يطرح على الأدباء والباحثين أن بعض التراث الأدبي موجود في خزانات الفقه، فعلى سبيل الذكر فإن أبا عثمان ابن سعيد المقري كان عالما في الفقه والرياضيات والأدب. وهل بإمكان العلوم الإنسانية إيجاد حلول لجملة الإشكاليات المطروحة؟ العلوم الإنسانية لا تطرح حلولا آنية، ولكنها تناقش إشكاليات وتحلل آراء ومواقف، فمثلا في محور الآراء النحوية والصرفية في تلمسان، تجد أن هذه الأخيرة كانت مدرسة في النحو، كما أن هناك دلائل ووثائق تؤكد أن تلمسان كانت مدرسة في النقد الأدبي، في فترة من تاريخها الأدبي. بعيدا عن التاريخ كيف تقيمون راهن الساحة الأدبية في الجزائر؟ الساحة الأدبية في الجزائر وصلت إلى مستوى يمكن فيه لأدبائها منافسة أدباء وكتاب من مناطق أخرى من العالم العربي وغيره، وفي شتى الميادين، سواء في الرواية، أو فنون النثر الأخرى أو الشعر أو حتى في النقد. فإذا ذكرنا من السابقين الشيخ البشير الإبراهيمي، ومحمد العيد آل خليفة وغيرهما، ففي الساحة الآن شباب، واعذرني لعدم ذكر الأسماء، تعج المكتبات بإصداراتهم، وهذا ما يمثل تطورا في الساحة الأدبية الجزائرية. ولكن ينبغي تسجيل أنه تبقى هناك صعوبات في النشر والتوزيع والترويج للإصدارات الأدبية في الجزائر. وماذا عن الجديد الأدبي للدكتور مرتاض؟ lإضافة إلى ما أعتز به من أعمال مثل ''أعلام تلمسان والنقد الأدبي في المغرب العربي'' و''الخطاب الشعري عند فقهاء المغرب العربي''، ستصدر لي رواية جديدة عن دار ''هومة'' عنوان ''وادي الأسرار''، وهي قصة مستوحاة من الواقع، تتحدث عن مرحلة من مراحل ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي بالحدود الغربية للبلاد، بمحاذاة وادي كيس، وهي قصة لم يتحدث عنها الأدباء والمؤرخون. وتروي بسالة ثوار الجزائر في حفر نفق بطول مائة وخمسين مترا، لاختراق الخط الجهنمي الذي وضعه الاستعمار، وبعد اكتشاف الأمر نتيجة الخيانة وقعت معركة لقن فيها الثوار جيش فرنسا درسا في الفدائية.