يعيش التيار الإسلاموي في الجزائر في الوقت الراهن حالة نشوة غير مسبوقة، بدليل نبرة الثقة الطاغية على تصريحات كل زعماء الأحزاب ذات ''المرجعية الإسلامية'' كتكتل الجزائر الخضراء أو جاب الله أو مناصرة بأن النصر قريب. كما قالها الشيخ يوسف القرضاوي في إحدى لقاءاته ''بعد فشل الليبراليين واليساريين العرب جاء دور الإسلاميين''، متغاضيا على حقيقتين وهما أن ''الجملوكيات'' العربية لم تطبق ولا واحد من هذه الأنظمة، وأن المشروع الإسلامي مطبق في دول الخليج. يجب على زعماء هذا التيار في الجزائر الحيطة من هذه الثقة المفرطة والأخذ بعين الاعتبار تراكمات العشرية السوداء وقافلة ال200 ألف قتيل التي لا تزال عالقة في أذهان الجزائريين كضحايا توظيف الدين لأغراض سياسية من طرف الحزب المحل. هذا المعطى كفيل لوحده بقلب كل الحسابات يوم الاقتراع، ويتعدى كونه مجرد ''فزاعة أو بعبع'' في يد المناوئين لهذا التيار. كما أن حيلة ''نحن في الحكومة ولسنا في الحكم'' التي تعودت حركة حمس على ترديدها لا تعفيها من مسؤوليتها السياسية في تحالف رئاسي وجهاز تنفيذي بمحاسنه وعيوبه، بدليل عدم انسحابها حتى عند مقتل 123 شاب برصاص الدرك الوطني خلال الربيع الأسود. ومن المآخذ على هذه الأحزاب أيضا سهولة استمالة إطاراتها من طرف نظام كانوا يناضلون ضده، وعدم قدرتهم على مقاومة بريق ''المنصب'' وقبولهم مناصب سفراء ومستشارين ووزراء، وطلقوا أحزابهم بالثلاث. فماذا يضمن للمواطن أن لا يكرر من سينتخبون عليهم نفس السلوكيات. بمنطق المواطن البسيط يحق لنا أن نتساءل عن فشل وزير ''حمس'' في تنظيم السوق وتحديد الأسعار في الجزائر ووصول مادة البطاطا إلى 100 دج للكلغ. وفي نفس الإطار بماذا نفسر بيع كلغ من السردين ب300 دج، علما أن وزارة الصيد البحري حافظت عليها حركة حمس منذ نشأتها. وينطبق الأمر ذاته على وزارة عمار غول المشرفة على مشروع القرن، الطريق السيار شرق-غرب، الذي مازال يتخبط في تأخر آجال الاستلام سنة بعد سنة، ومطالبة الشركات بأموال إضافية، جعلت من تكلفة الكليومتر الواحد الأغلى في العالم. هذه الجزئيات سيكون لها وزنها يوم الحسم. [email protected]