تكشف الأرقام أن استهلاك الجزائريين من المشروبات والعصائر سنويا في ارتفاع مستمر، حيث يتناول هؤلاء 7,3 مليار لتر سنويا منها، في الوقت الذي تعرض العديد من هذه المنتجات، والمسوقة والمخزنة في ظروف غير ملائمة، مثل تعرضها لأشعة الشمس لمدة طويلة، إلى الإصابة، بعد سنوات من تناولها، بأمراض سرطانية متنوعة. حسب مختصين في القطاع، فإن تحلل المواد الكيميائية لمواد تغليف المشروبات والعصائر بعد تعرضها إلى درجات حرارة تتجاوز تلك المنصوص عليها في الوسم، والمحددة كحد أقصى بأربع درجات مئوية، تؤدي إلى تجمّع بكتيريا تعرف ب''البوليمار'' التي تتراكم على مستوى الكبد دون أن تتحلل، لمدة تفوق العشر سنوات، ليتم تسجيل الإصابات بمرض السرطان. في نفس السياق، يؤكد المختصون على أن تأثير أشعة الشمس على المواد الكيميائية التي تصنع بها علب التغليف لا يظهر تأثيره على صحة المستهلك إلا بعد انقضاء عشر سنوات فأكثر من الاستهلاك المتواصل للمشروبات والعصائر المعرضة للشمس. من جهة أخرى، يشير المختصون إلى أن تعرض المشروبات لأشعة الشمس التي تفوق 30 درجة مئوية، يتسبب في انتفاخ علبة المشروب، الناتج عن تحرك البكتيريا النائمة والمسببة لتسممات غذائية تلحق بمتناولي هذه المشروبات. في نفس الإطار، فإن الحرارة الشديدة، خاصة في فصل الصيف، تفقد استقرار المشروب المسوق وتجانسه، ما يجعله يضيع قيمته التجارية، إلى جانب تقليص مدة صلاحيته، فيصبح الاحتفاظ به خطرا على صحة المستهلك. على صعيد آخر، أشارت مصادر إلى أن عدد منتجي المشروبات في تزايد مستمر، حيث يقدر حاليا، حسب إحصائيات المركز الوطني للسجل التجاري، ب1600 منتج، يفلت بعضها من المراقبة. ويوفر بعضها منتجات لا تحترم المقاييس المعتمدة، سواء من حيث التركيبة أو المواد المستخدمة أو طرق التصنيع أو شروط الحفظ، ما يجعلها غير صالحة تقريبا للاستهلاك أو مضرة للصحة. الجزائر: سمية يوسفي المستهلك ضحية وشريك في ''الجريمة'' رغم أن الجميع يعلم بأن تعريض قارورات الماء والعصائر لأشعة الشمس يؤدي إلى تلفها وتحولها إلى قنابل سرطانية موقوتة، إلا أن معظم التجار يضعونها خارج المحلات تحت أشعة الشمس، بحجة جهلهم لما يمكن أن تتسبب فيه، والمواطن يقتنيها غير مكترث، ليصبح هو كذلك شريكا في الجريمة، وهو نفس الوقت ضحية لأنه يستهلك السموم يوميا. الجولة التي قمنا بها في عدد من أحياء العاصمة، انطلاقا من بلدية برج البحري وصولا إلى باب الوادي، كشفت لنا حقيقة مُرّة، أن معظم تجار المواد الغذائية و''السوبيرات'' يخزنون قارورات المياه المعدنية والعصائر خارج المحل، ويتركونها عرضة للشمس لأيام وأسابيع طويلة، غير مكترثين بما ينجر عن ذلك. أول محل توقفنا عنده كان ببلدية برج البحري، والذي أكد صاحبه ''م. ز'' في البداية بأنه يجهل وجود خطر على صحة المواطن بوضع القارورات تحت أشعة الشمس، قبل أن يتراجع بعد حديث طويل معه، ليعترف بأنه على علم بالخطر، إلا أن ضيق محله أجبره على وضع القارورات في الخارج ''وربي يستر''. في نفس المحل التقينا المواطن ''ج.ف''، الذي أكد بأنه يقتني يوميا قارورة عصير لبيته ولم يكن يدري أن تعرض المشروبات لأشعة الشمس يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة، مشيرا إلى أنه دائما يأخذ القارورة من الثلاجة، متجاهلا إن كانت موضوعة في الخارج أم لا. وشدد في هذا الصدد أن المستهلك مغلوب على أمره، وليس له خيار، لأن كل التجار يقومون بنفس الشيء، فلا بديل أمامه. محطتنا الثانية كانت بالحي الشعبي بباب الوادي، حيث التقينا بصاحب محل للمواد الغذائية اعترف بأنه على علم بخطر تكديس القارورات في الشمس، إلا أنه يقوم بذلك في بعض الأحيان لوقت معين، في انتظار إيجاد مكان داخل المحل لتخزينها. ويبقى غياب الرقابة عن مثل هذه التعاملات من بين الأسباب الرئيسية وراء تفشي هذه الظاهرة، التي تنامت بسبب جهل وتجاهل أصحاب المحلات، والمواطن الذي يعرف الخطر المحدق به إلا أنه يقتني ما يريده، وكما يقال بالعامية ''يغمض عينيه''، لأنه لا يملك خيارا أحسن. الجزائر: سفيان بوعياد أخصائي التغذية كريم مسوس ل''الخبر'' ''المشروبات المعرضة للشمس تتسبب في الأمراض السرطانية'' قال أخصائي التغذية، كريم مسوس، إن المشروبات والعصائر المعرضة للشمس تتسبب في مشاكل صحية، أغلبها يتمثل في أمراض سرطانية مختلفة، نتيجة تأثير درجة الحرارة على التركيبة الكيميائية لمحتواها، إلى جانب مكونات علب التغليف التابعة لها. وفي نفس السياق، دعا كريم مسوس إلى ضرورة تفادي استهلاك المشروبات المعرضة لأشعة الشمس، محملا المسؤولية للتجار الذين يتعمدون عرضها في ظروف غير ملائمة للمحافظة على تركيبتها الكيميائية. وفي نفس السياق، انتقد أخصائي التغذية انتشار ظاهرة عرض المشروبات والعصائر على مستوى الطرق والشوارع، من طرف أصحاب المطاعم بغرض إبرازها للعيان، ليعاد بيعها بعد عرضها لفترة طويلة لأشعة الشمس. وهو ما يتسبب في مضاعفات سلبية على صحة المستهلك، ناهيك عن عدم احترام شروط الصحة والحفظ المواد. الجزائر: سمية يوسفي رئيس جمعية المنتجين للمشروبات يكشف ''قدّمنا اقتراحات لوزارة التجارة لتحديد المسؤوليات'' أعلن رئيس جمعية منتجي المشروبات، علي حماني، أن جمعيته قامت، خلال الأشهر الماضية، بتقديم مقترحات لوزارة التجارة لتحديد المسؤولية بخصوص المشروبات والعصائر المعرضة للشمس والمسوقة بعد إتلافها، مشيرا إلى أن القانون الحالي يحمل المسؤولية حاليا للمنتج وحده، ويبقى غير كاف لضبط النشاط. في نفس الإطار، أكد رئيس جمعية منتجي المشروبات على أن المسؤولية يجب أن تشمل جميع المتدخلين في سلسلة تسويق المشروبات والعصائر، من منتجين وبائعي جملة وحتى بائعي التجزئة، حيث لا يمكن مراقبة وتتبع ظروف شروط نقل وتخزين المشروبات، بعد خروجها من مستودعات المنتجين. وقال رئيس جمعية منتجي المشروبات إن مشكل تعريض هذه الأخيرة للشمس يكمن في تحلل المواد الكيميائية الخاصة بعلب التغليف، ما يتسبب في تغيير طعم ونوعية المشروبات المصنعة. وبالنسبة لمحدثنا، فإن المشروبات والعصائر ذات الجودة العالية يمكن لها أن تقلص من أثر ضرر التعرض للشمس، مشيرا إلى أن التعرض للشمس بالنسبة للمشروبات يفقدها طعمها الأصلي، ما يتسبب في أحيان كثيرة في تسجيل حالات إسهال. وحسب علي حماني، فإن تعرض المشروبات والعصائر إلى أشعة الشمس، خاصة مع حلول فصل الصيف، يزيد من نسبة حموضتها ويغير تركيبتها الأساسية، ما يجعلها تتسبب في حدوث أعراض مرضية لمستهلكيها. من جهة أخرى، أكد حماني على ضرورة محاربة هذه الظاهرة، خاصة في فصل الصيف، حين يرتفع الطلب على المشروبات، بنسب تتراوح بين 10 إلى 12 بالمائة. الجزائر: سمية يوسفي رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك يحمل المسؤولية للتجار ''عرض المشروبات خارج المحل غش يعاقب عليه القانون'' حمّل رئيس الفديرالية الجزائرية لحماية المستهلك، حريز زكي، مسؤولية استهلاك المشروبات والعصائر الفاسدة، جراء تعريضها للشمس، خاصة مع إقبال فصل الصيف، إلى التجار الذين يعرضونها على مداخل المحلات، كوسيلة لجذب عدد أكبر من المستهلكين. وحسب حريز زكي، فإن القانون 03 - 09 الصادر سنة 2009، المتعلق بحماية المستهلك والساري المفعول يمنع هذا النوع من الممارسات، حيث تعد هذه الأخيرة وسيلة للتلاعب وغش المستهلكين، خاصة أن ثقافة المستهلك الجزائري محدودة، وتجلبه المنتجات المرصوصة وتجعله يفكر بالدرجة الأولى في مرحلة التخفيض من أسعار المنتجات ''الصولد''. من جهة أخرى، قال حريز زكي بأنه ثبت علميا احتواء المشروبات والعصائر المعرضة للشمس، في ظل غياب ظروف للنقل والتخزين سليمة، على مواد كيميائية تسببت في غالبية الأحيان في تسجيل عدد هائل من التسممات والأمراض السرطانية، نتيجة احتواء المشروبات على مواد كيميائية ومواد حافظة غير مستقرة، تتحول إلى مواد أخرى مجهولة بعد افتقادها لخصائصها الضوئية. حتى بالنسبة لعلب التغليف، وحذر نفس المسؤول من تعرضها لأشعة الشمس، لاحتوائها على مواد كيميائية قابلة للتحلل واختلاطها بالمشروب. على صعيد آخر، أكد رئيس الفدرالية الجزائرية لحماية المستهلك أن الوسم الخاص بالمشروبات بمختلف أنواعها يحذر من تعرضها إلى أشعة الشمس، ويؤكد ضرورة الاحتفاظ بها على مستوى أجهزة التبريد بدرجات محددة وخاصة بها. الجزائر: سمية يوسفي