رسم أصحاب مبادرة المواطنة ''نبني'' لوحة قاتمة عن ''التنمية الاقتصادية وخلق مناصب الشغل في الجزائر''، في نقاش، صبيحة أمس برياض الفتح بالعاصمة، من قبل عدد من المختصين في الشؤون الاقتصادية. أرجع محافظ بنك الجزائر السابق، علي حاج ناصر، انكماش الاقتصاد الوطني وعدم تنوعه إلى سيطرة ما يسميه التجارة على الاستثمار والتوزيع غير العادل للثروة على حساب المصلحة العامة. وقال إن الحل يكمن في إعادة التوازن للسلطة. تزامن تنظيم هذه الندوة مع شروع أصحاب مبادرة المواطنة ''نبني'' في نشر سلسلة من إصداراتها التي تندرج ضمن التحضير لإعداد التقرير الخاص بالجزائر سنة ,2020 تحت عنوان ''خمسينية الاستقلال: دروس ورؤية من أجل جزائر .''2020 ويتضمن هذا التقرير خمسة مواضيع، التربية: معرفة وتجديد، والصحة: حماية اجتماعية ومحاربة الهشاشة، ولنعش معا: مدن، تمدن وثقافة وحكامة الدولة وتسيير المؤسسات، بينما كان الموضوع الخامس تحت عنوان ''تنمية اقتصادية وخلق مناصب الشغل''. وقد رسم أصحاب المبادرة لوحة قاتمة عن التنمية الاقتصادية من جانب كونه اقتصادا غير متعدد لا يحتكم إلى ميكانيزمات وآليات تسهل الاستثمار، بدليل أن أغلب مناصب الشغل التي تم إنشاؤها يندرج أغلبها في إطار التشغيل الاجتماعي الذي تؤطره الدولة مباشرة، وليس الاستثمار. ولأجل ذلك حدد أصحاب المبادرة ''نبني'' أربعة محاور لترسيم القطيعة مع الاقتصاد المنكمش ومع اللانجاعة واللافاعلية، بينها قطع الحبل مع الريع في أفق 2020 من جانب التخطيط لإنهاء الاتكال على مداخيل النفط، وسن مقاربة جديدة لتنويع الاقتصاد، وكذا سن سياسة جديدة للتشغيل. وقدم محافظ بنك الجزائر السابق علي حاج ناصر مثالا على عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة وناجعة، في معرض إجابته عن سؤال مفاده: ما مصير احتياطيات الصرف الموجودة بالخارج ولماذا لا يتم استعمالها في الاستثمار الداخلي، بقوله إن الجزائر ليست لديها الإمكانيات والوسائل لتسيير هذه الاحتياطيات، لأنه في كل مرة يخسر أصحاب الذكاء ويتغلب أصحاب الحيلة، مشيرا إلى أن الجزائر تعيش منذ 3 سنوات عجزا في الميزانية، ولو أنه كان يكفي الحكومة أن تقوم بسد العجز من الصناديق السيادية ولا فائدة من تحديد السعر المرجعي للبرميل الواحد ب37 دولارا. وبقدر ما ثمن حاج ناصر مبادرة ''نبني'' التي قال عنها إنها مؤشر على أن الجزائر تتغير، فأنا تساءل عن المبادرتين اللتين طرحتا أسئلة عن النهج الاقتصادي المتبع في منتصف سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وقال عنهما إنهما حولتا عن مجراهما، لأن الأمر يتعلق دوما بموازين القوى في السلطة. وأشار إلى عدم وضوح الرؤية في الاقتصاد حاليا، ما كان له ارتدادات على التنمية والتشغيل وسائر القطاعات، مرده تغلب التجارة على الاستثمار. وقال إن التوزيع غير العادل للثروة على حساب المصلحة العامة هو الذي أوصلنا إلى هذه الحال، ولذلك، فالحل، يضيف، يكمن في إعادة التوازن للسلطة حتى تولد حقوق المواطنة، مشيرا إلى أن السلطة الحالية ليس لها عنوان، لأنها لا تدري أين هي، فما يصفونه بالاقتصاد الموازي موجود في هرم السلطة قبل أن يوجد في القاعدة.