أتعجب لأمر الذين جعلوا من قضية التغيير الحكومي على رأس اهتماماتهم اليومية، وأتعجب أكثر وأنا أسمعهم يربطون بقاء، أو تغيير الطاقم الحكومي، بفكرة التغيير التي أعلن عنها رئيس الجمهورية منذ أمد بعيد، وهو في حقيقة الأمر بريء من هذه التهمة التي ألصقت به ظلما. فالرئيس بوتفليقة لم يفوّت فرصة إلا وأكد من خلالها عزمه على مواصلة الإصلاحات وليس ''التغيير'' التي شرع فيها منذ وصوله إلى قصر المرادية، أو على الأقل مفهومه للإصلاح، والذي لا يخرج، حسب رأيي، عن نطاق سياسة الترقيع التي قد تضفي القليل من المصداقية للنظام وتضمن له الاستمرار إلى حين. أما التغيير، حسب تقديري، فهو يذهب أبعد من الإصلاح، ولا يحدث بالضرورة عن طريق العنف، كما حدث في بعض البلدان العربية، فقد يكون سلميا تشارك فيه السلطة بمعارضتها والمجتمع المدني بمختلف مشاربه، يعملون جميعا على توفير مناخ من الثقة يضمن انخراطا أكبر لمختلف شرائح المجتمع. ولأنه في المقابل كلما تركنا المبادرة للآخرين وانتهجنا سياسة الهروب إلى الأمام، هيّأنا الظروف المواتية للانفجار... هذا عن التغيير الذي لا يتعارض مع الإصلاح، بشرط أن يكون هذا الأخير عميقا وفق أجندة تحدد فيها الأولويات. أما الإصلاحات التي لا تأخذ في الحسبان الشروط سالفة الذكر، فقد تستغرق وقتا طويلا، وقد لا تمس القضايا الجوهرية كطبيعة نظام الحكم مثلا، تنتهي بعملية ''ليفتينغ'' ظرفية إلى إشعار لاحق. أما إذا كان المقصود من ''التغيير'' عند هؤلاء المتتبعين لشؤون الحكومة، هو تغيير وجوه بوجوه أخرى، الجديد يكمن في الاسم واللقب وربما في مكان الازدياد، حتى لا نقول تاريخه، لأن جيل الاستقلال من الرجال والنساء، الكثير منهم أحيل على التقاعد بعد طول انتظار وصل إلى درجة اليأس... فهذا شيء آخر. أنا شخصيا لا أجعل من قضية التغيير الحكومي بوابة الدخول إلى اللجنة، كما لا أريد أن تسكنني الأوهام حتى أتقي في يوم ما شر الإحباط، ولأنني لا أرى في قضية بقاء أو ذهاب الحكومة مشكلة جوهرية، اقترح أن نختصر الوقت ونقتصد الكثير من المال والجهد، وذلك بتعيين حكومة تبدأ مع بداية عهدة أو عهدات الرئيس، وتنتهي بنهايتها، ما دامت مهمتها تقف عند حدود تطبيق برنامج الرئيس، وما دام تغييرها لا يعني على الإطلاق مقاربة جديدة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية ولا حتى البحث عن طرق تسيير جديدة لشؤون المواطن. [email protected]