إذا صح ما نسب لبلخادم من أن الإعلان عن الحكومة المنتظرة سيكون ''بعد أسابيع''، فإن الجزائريين سيكونون على موعد مع حكومة جديدة قبل نهاية شهر جويلية الداخل، لأن معنى ''أسابيع'' لا يتجاوز الشهر من الزمن... أما إذا كان الدافع لتصريح أمين عام ''الأفلان'' هو تجنب الظهور بمظهر الرجل الذي لا يعرف ما يجري داخل دواليب السلطة وهو وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، فإن الوضع يصبح مختلفا تماما، وأغلب الظن أن الأمر كذلك. منطقيا... وإذا كنا دولة مثل بقية دول العالم التي تخضع وتحكمها أبجديات السياسة المتعارف عليها، فإن الخيار الوحيد المتاح أمام الرئيس بوتفليقة هو تكليف بلخادم أو أحد إطارات الحزب الفائز بأغلبية مقاعد البرلمان المنتخب، بتشكيل الحكومة المنتظرة... وإذا لم يكن بلخادم على رأسها وإنما ''أفلاني'' آخر، فالمنطق يحتم على هذا البلخادم أن لا يكون وزيرا فيها كما هو حاله الآن، حتى لا يكون في الحزب رئيسا على الوزير الأول المعين، وفي مجلس الحكومة تحت رئاسة هذا الوزير الأول. وإذا ما تعذر هذا الاحتمال لهذا السبب أو تلك الأسباب، فإن الخيار الثاني الذي يبقى متاحا أمام الرئيس، إن لم يكن مقتنعا بأهلية بلخادم أو أحد قيادات الجبهة للمنصب، فهو الإبقاء على رأس الحكومة الحالية أحمد أويحيى من خلفية ''موالفة ولا تالفة''، وليس مهما هنا إن نقل هذا الوزير من هذه الوزارة وعينه على أخرى، أو استبدل ذاك الوزير بوجه وزاري جديد، لأن المهم في هذه الحالة هو بقاء قائد الجوق في موقعه، كما يجوز في الحالة الجزائرية أن يكلف بوتفليقة شخصية أخرى من حزب أويحيى بمنصب الوزير الأول، وهذا احتمال ليس مستبعدا، وإن كان غير مستساغ منطقيا وفي أبجديات السياسة. ويبقى خيار ثالث وأخير بيد الرئيس... نرى بأنه الأقرب لمحتوى وروح خطاب الثامن ماي بسطيف، والذي قال فيه بوتفليقة عبارتيه الشهيرتين ''طاب جنانا'' و''عاش من عرف قدره''... هذا الخيار هو إسقاط كل البضائع التقليدية المعروضة في سوق السياسة الجزائرية، والتوجه مباشرة إلى تغيير كل شيء بالاعتماد على شخصية تكنوقراطية متحررة من كل الولاءات الحزبية، وتكليفها بقيادة وزراء لا علاقة لهم بأي من الأحزاب التي تعج بها الساحة، بمعنى أن يكونوا على شاكلة وزيرهم الأول من التكنوقراطيين الذين لا تربطهم بالأحزاب وبالأفكار الحزبية رابطة... هذا الخيار سيريح ويطمئن في حالة تبنيه غضب الأحزاب الخاسرة في التشريعيات الأخيرة ويضعف قلاقلهم في المستقبل، لكنه بالمقابل سيغضب كل ''الأفلانيين'' و''الأرنداويين''، الذين يحلمون بالبقاء في مناصبهم إن كانوا وزراء في الحكومة الحالية أو يحلمون بالاستوزار، وما أكثر ''الأفلانيين'' والأرنداويين'' الحالمين بمنصب وزير، لكن غضب هؤلاء لن يكون مؤثرا لأنه لن يخرج للعلن ولن يتعب السلطة أو يهز مصداقيتها داخليا وخارجيا، كما هو حال المعارضة الإسلامية وغير الإسلامية... من هذه الخلفية لا أستبعد شخصيا، أن يكون هذا الاحتمال هو خيار بوتفليقة، باعتباره الأكثر ملاءمة لتجاوز حالة الاختناق المعاش، والآفاق المظلمة التي تلف مستقبل البلد... لكن أين نحن من منطلق ما هو كائن وما يجب أن يكون؟ [email protected]