الصّحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، أحد السّابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشّرين بالجنّة. تظهر روعة ذلك البطل عندما حاولت أمُّه مرارًا أن تردّه عن طريق الإيمان عبثًا، فباءت محاولاتها بالفشل أمام القلب العامر بالإيمان، فامتنعت عن الطعام والشّراب، ورفضت أن تتناول شيئًا منه، حتّى يرجع ولدها سعد عن دينه، ولكنّه قال لها: ''أمّاه، إنّني أحبّك، ولكن حبّي لله ولرسوله أكبر من أيّ حبّ آخر''. وقد كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يُحبّ سعدًا، فعن جابر قال: كنّا مع رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، إذ أقبل سعد، فقال: ''هذا خالي، فليرني امرؤ خاله'' أخرجه الترمذي والطبراني وابن سعد. وكان سعد مستجاب الدعوة، فقد دعا له النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قائلاً: ''اللّهمّ استجب لسعد إذا دعاك'' رواه الترمذي. وعندما طعن أبو لؤلؤة المجوسي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، اختار عمر ستة من المسلمين ليتم اختيار خليفة منهم، وأخبر عمر أنّ الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، مات وهو عنهم راض، وكان من هؤلاء الستة سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، حتّى قال عمر: لو كنت مختارًا للخلافة واحدًا، لاخترتُ سعدًا، وقال لمَن حوله: إن وليها سعد فذاك، وإن وليها غيره فليستَعِن بسعد. فكان عثمان بن عفان يستعين به في كلّ أموره. توفي، رحمة الله عليه، بالعقيق، فحمل على الأعناق إلى المدينة ودفن بها، ليكون آخر مَن مات من العشرة المبشّرين بالجنّة وآخر مَن مات من المهاجرين، رضي الله عنهم.