قانون الإعلام الجديد لا يحمي الصحفي من المضايقات أشارت اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، برئاسة فاروق قسنطيني، إلى أنه بالرغم من المجهودات التي بذلتها المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك في احترام حقوق الإنسان، إلا أن هذه المجهودات، حسب التقرير السنوي للجنة، ''تبقى بعيدة عن الواقع الذي لا يزال المواطن فيه يعاني من معاملة لا إنسانية في بعض الأحيان، خاصة في المناطق المعزولة والنائية''. اعتبرت اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، في تقريرها الخاص بوضعية حقوق الإنسان خلال سنة ,2011 أن الجهود التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني من أجل المطابقة التامة لمعايير حقوق الإنسان ''تبقى غير بارزة من خلال سلوك بعض الموظفين في بعض الحالات، الذي يتناقض مع مبدأ الكرامة الإنسانية''، داعية إلى ''القيام بعمل تحسيسي ومتابعة حقيقية وفعالة ومستمرة للقضاء على العادات السيئة''. كما شددت اللجنة على ''ضرورة مضاعفة مجهودات مصالح الأمن لضمان أمن الأشخاص والممتلكات بفعالية ونجاعة أكبر، لأن السلم العام والطمأنينة التي يتطلع إليها المواطن في بيئته الخاصة والعامة على حد سواء، هو المهمة الرئيسية للدولة بموجب المادة 24 من الدستور، ويتعين لذلك على الأجهزة الأمنية المختلفة أن تحقق ذلك بقدر أكبر من الفعالية''. أما بالنسبة لقيادة الدرك، فأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن ''هناك عالما يفصل بين التدريس الذي تمنحه القيادة لأعوانها والممارسة اليومية، ولا سيما في المدن الصغيرة والبلدات''، داعية إلى ''إيلاء أهمية خاصة للمواطنين المقيمين في الدواوير والمناطق النائية الأخرى (في المناطق الريفية وشبه الحضرية) من التراب الوطني الذين يمكن أن يكونوا بسهولة ضحايا لانتهاك الحقوق والحريات، نظرا لبعدهم عن التعليم''. وأضافت: ''يتعين القيام بزيارات مبرمجة وفجائية لفرق الدرك الوطني المتواجدة بتلك الأماكن، ويكون هدفها تجنب أي انتهاك محتمل لحقوق الإنسان، وتعزيز وحماية حقوق وحريات المواطنين، من جهة، واتخاذ العقوبات الإدارية المناسبة مع الإحالة إلى النائب العام كل من يكون مسؤولا عن أعمال غير مشروعة تم إثباتها في حال المساس بحقوق الإنسان، من جهة أخرى''. كما تطرقت اللجنة لموضوع الأشخاص الموجودين في الحجز تحت النظر من قبل الشرطة القضائية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني أو وحدات الدرك الوطني، حيث أوصت بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة ليلا ونهارا لأماكن الحجز تحت النظر على كامل التراب الوطني، مؤكدة أن ''الهدف من هذه الرقابة الداخلية هو منع المساس بالسلامة الجسدية والمعنوية للمحتجزين، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الأعوان الذين يقومون بتجاوزات''. كما تطرق تقرير اللجنة للاحتجاجات وأعمال الشغب التي عرفتها الجزائر خلال سنة ,2011 حيث أشارت إلى أن أسبابها متعددة وهي ''الظلم والأوضاع الاقتصادية المتردية من غياب الشغل والسكن وتراجع القدرة المعيشية للمواطن وكذا التهميش والإقصاء، ونوعية الحكم، ولها كذلك بعد سياسي''. مؤكدة على ضرورة بذل مجهودات أكبر من أجل حل هذه المشاكل ''خاصة وأن المواطن فقد الثقة في مؤسسات الدولة وأصبح يعتبر هذه الأعمال الحل الوحيد للحصول على حقوقه، خاصة ما تعلق بالسكن والتوظيف''، داعية إلى ''رفع الأجور لتحسين القدرة المعيشية للمواطن''. وفي سياق حديثها عن الحقوق الفردية، تعرضت اللجنة لمشكل الحجز تحت النظر، حيث أشارت إلى أنه ''إذا ما استمر هذا الوضع فإنه يتعارض مع أحكام المادة 34 من الدستور، التي تنص على أن الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة الإنسان. أما المادة 48 فتنص على أن الحجز تحت النظر لا يمكن أن يتجاوز مدة ثمان وأربعين ساعة. ولا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر، إلا استثناء، ووفقا للشروط المحددة بالقانون. وأوصت بضرورة إعادة النظر في كيفية التطبيق والعمل على تطبيق القانون بحذافيره''. كما انتقدت اللجنة ما تقوم به الدولة من خطوات من أجل محاربة الفساد، حيث أشارت إلى أن ''الفساد استفحل في الجزائر''، ووصفته ب''الرياضة الوطنية''، وأن الدولة استمرت في إنشاء هياكل مستهلكة للميزانية، وهي السياسة التي دعت إلى ضرورة مراجعتها وتقييم نشاطات هذه المؤسسات وملاءمة المهام الموكلة إليها والنتائج المتحصل عليها وتكلفتها. مؤكدة أن هذا الوضع جعل المواطنين يفقدون الثقة في مؤسساتهم، حيث يلجأون إلى أشخاص في مستويات مختلفة ليمنحوهم حقوقا وامتيازات على حساب القانون. هؤلاء الأشخاص، من إطارات أو مجرد أعوان، يقومون بخوصصة الوظيفة التي يمارسونها، داعية إلى تشديد العقوبات المفروضة على قضايا الفساد. وفي سياق آخر، تطرق التقرير إلى مختلف القوانين التي صدرت فيما يتعلق بالحقوق، ومنها قانون الانتخابات ''الذي لا زال قائما على أساس القائمة المغلقة، كما أنه لم يكرس عدم حياد الإدارة التي تبقى طرفا في العملية الانتخابية، حيث تعود لها مهمة إعداد القوائم الانتخابية، وتعيين رؤساء مراكز الاقتراع وأعضاء الأمانة الدائمة في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات''. كما انتقدت القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، ''الذي يمنح هو كذلك سلطة كبيرة للإدارة، حيث تدرس الملفات، ويعطيها المشرع أجلا طويلا لاتخاذ القرار بشأن المسائل التقنية البسيطة''، مؤكدة أن السبيل الوحيد للحصول على قدر أكبر من الشفافية هو إنشاء هيئة محايدة تتولى اعتماد وحل الأحزاب السياسية، كما أن القانون الجديد، حسب اللجنة، يهمل البعد الوطني لأنه يسمح بإنشاء حزب ببيان يوقعه ممثلون عن ربع ولايات الوطن، أي 12 ولاية فقط، بالإضافة إلى هذا، فإن المادة 5 من القانون لا تحدد المسؤوليات عن استغلال الدين وتحديد هوية الأشخاص المتورطين في عمليات إرهابية ''هل ستكون الإدارة وعلى أي أساس أم ستكون العدالة''. أما قانون الإعلام، فاعتبرت اللجنة أنه لم يعالج مشكلة يواجهها الصحافي ويسبب الكثير من الصعوبات والمضايقات في أدائه لمهمته، كما لم يتطرق القانون الجديد إلى فتح مؤسسات عمومية إعلامية، إذاعة، تلفزيون ووكالات أنباء، على جميع الحساسيات السياسية والاجتماعية، وفقا لمبدأ المساواة في ظل الدستور.