بدأت مدينة تلمسان العريقة تفقد هدوءها وسكينتها بفعل الجريمة، فالأرقام والإحصائيات التي بحوزة وحدات المجموعة الإقليمية للدرك الوطني تكشف مدى تفشي هذه الظاهرة. بلغ عدد الجنايات خلال ال8 أشهر الأولى من السنة الجارية 115 قضية، وعدد الجنح تجاوز ال600 قضية، تورط فيها 1068 شخص، صدرت في حقهم متابعات قضائية، وتم إيداع 922 منهم الحبس المؤقت، وقد سجلت على إثرها مصالح الدرك الوطني ارتفاعا ملحوظا في عدد الجنايات والجنح مقارنة بالسنة الماضية بفارق وصل إلى 370 قضية، وعدد الموقوفين بفارق 115 شخصا من نفس الفترة. وأرجعت مصالح الدرك الوطني هذا الارتفاع إلى عوامل الفقر والبطالة وتفشي ظاهرة استهلاك المشروبات الكحولية والمخدرات. وتكشف ذات الإحصائيات، أن أكثر الجرائم انتشارا عبر إقليم مجموعة تلمسان، تتمثل في الاعتداء على الأشخاص ب259 قضية، في طليعتها الضرب والجرح العمدي، تليها الجنايات والجنح ضد الأملاك ب347 قضية، وفي مقدمتها السرقة بمختلف أنواعها. كما عرفت ظاهرة سرقة الكوابل الكهربائية والهاتفية، ارتفاعا رهيبا حسب إحصائيات المجموعة الإقليمية للدرك الوطني، فمن مطلع العام الجاري وإلى غاية اليوم، سجلت ذات المصالح سرقة 5255 كلغ من الكوابل الكهربائية، بفارق 2942 كلغ خلال السنة المنصرمة. إلى جانب ظاهرة سرقة السيارات وفي هذا الصدد كشفت تحريات المجموعة الإقليمية، أن اللصوص يفضلون دائما السطو على سيارات ''بيجو ''505 و''رونو 25 و21 و''11، لأنها الأكثر استخداما في تهريب المازوت لتوفرها على خزان كبير وواسع إلى جانب علامتي ''هيونداي'' و''مرسيدس''. 6 شبكات دولية تروج الكيف المغربي بتلمسان حجزت مصالح الدرك الوطني خلال الثمانية أشهر من العام الجاري، ما يزيد عن 55 قنطارا من الكيف المعالج، مقابل 263 قنطار استرجعتها وحدات حرس الحدود، حيث أفضت التحريات التي قامت بها المجموعة الإقليمية للدرك الوطني إلى اكتشاف تورط شبكات 6 شبكات تتاجر في المخدرات القادمة من المغرب، فككت منها 3 شبكات دولية و6 أخرى محلية. وفي هذا الشأن، كشف العقيد نور الدين بوخبيزة، قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتلمسان ل''الخبر''، أن نشاط المخدرات في الولاية عرف ارتفاعا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية، فتغير قنوات التهريب من ولاية بشار إلى تلمسان بسبب التضييق على تشهده الحدود في الصحراء، وثانيا لفقدان جماعات المتاجرة بالمخدرات لسوقها في دول الساحل، مضيفا أنها غيّرت وجهتها نحو سوق دول الشرق الأوسط عن طريق ليبيا، مستغلة الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد. كما أشار ذات المتحدث إلى أنه من بين العوامل التي ساعدت من ''انتعاش'' سوق المخدرات في تلمسان هو الطريق السيار شرق غرب الذي ساهم في تقريب المسافات والسماح للمهربين باستعمال السرعة المفرطة، يليها قصر المسافة على الشريط الحدودي، لاسيما على مستوى قرية بوكانون في لبلدية مسيردة فواقة التابعة إداريا لمقاطعة مرسى بن مهيدي، حيث أطول مسافة لا تزيد عن واحد كيلومتر، ما يسهل اختراق المهربين للحدود الجزائرية، وأشار العقيد بوخبيزة نور الدين، إلى أنه تم تشديد الرقابة على طول الشريط الحدودي من خلال مضاعفة عدد العناصر ومراكز المراقبة وتزويدها بأحدث الوسائل والتجهيزات. تهريب الكوكايين في عربات القطار من جهة أخرى كشف قائد الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني لمغنية الرائد سليمان قايدي، أن المهربين يفضلون أيضا القطار لنقل الممنوعات حيث قال ''إن تشديد الرقابة على الطرقات البرية دفع بالمهربين وعصابات الإجرام إلى اختيار القطار كوسيلة يعتقدون أنها تمكنهم من الإفلات من الرقابة، لاسيما أن عمليات المداهمة التي تقوم بها مصالح الدرك الوطني لا تتعدى ثلاث عمليات في الشهر''. هذه الحقيقة وقفنا عندها أمس خلال الدورية التي قامت بها كتيبة الدرك داخل عربات القطار بعد مغادرتها لمحطة صبرة، 30 كلم عربي عاصمة ولاية تلمسان، وهي المحطة الثانية التي يتوقف في القطار القادم من مغنية باتجاه وهران، حيث قال الرائد قايدي في هذا الصدد ''المهربون يولون أهمية كبيرة لهذه المحطة، ومن خلالها يحاولون معرفة مدى سهولة أو خطورة نقل المحظورات''. وعن نوعية السلع التي يتم تهريبها عبر القطارات وطبيعة الأشخاص المتورطين، أفاد المتحدث بأن التهريب يستهدف عادة ''ما خفّ وزنه وغلا ثمنه'' على غرار الألبسة والذهب والمخدرات، وفي هذا الصدد تم في الآونة الأخيرة إحباط محاولة تهريب كميات من كوكايين من قبل مجموعة من النساء قمن بإخفائها داخل ألبستهن. وإلى جانب المخدرات مازال تهريب الوقود ينخر الاقتصاد الوطني، حيث حجزت مصالح الدرك الوطني في ثمانية أشهر، ما لا يقل عن 215 ألف لتر من المازوت وما يقارب 4 آلاف لتر من البنزين، ما خلق واقعا ''مرا'' لدى زائري الولاية من السياح داخل وخارج الوطن الذين يضطرون إلى قضاء الساعات الطويلة للظفر بلترات من الوقود أمام محطات البنزين، لأن المهربين أو ما يعرف محليا ب''الحلابة'' لم يتركوا للزائرين الفرصة للاستمتاع بجمال الولاية بهدوء وراحة.