إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من أعظم شعائر الدّين، وأهمّ المهمّات في المؤمنين، وقد أمر الله بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم وحثّ عليه ورغّب فيه وشدّد في تركه فقال تعالى: ''ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون'' آل عمران.104 قال تعالى: ''والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويُقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة ويُطيعون الله ورسولَه أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيزٌ حكيم''. وروى الحافظ الترمذي بسند حسن قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''لتأمرّن بالمعروف ولتنهوُن عن المنكر وليوشكنّ الله أن يبحث عليكم عقابًا منه ثمّ تدعونه فلا يستجاب لكم''. إنّ انعدام النّهي عن المنكر فيه الخسران المبين، فقد روى البخاري ومسلم قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''لا إله إلاّ الله، ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج، مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والّتي تليها، فقالت السيّدة زينب بنت جحش رضي الله عنه: ''أنهلِكهم وفينا الصّالحون؟ قال: نعم، إذا كَثُر الخبث''. ومن هنا لابدّ أن نقف وقفة مع الإساءة إلى الحضرة المحمدية والطعن في أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ جميعًا. ومن علامات محبّة سيّدنا ومولانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الغضب له صلّى الله عليه وسلّم، وصدق خُبيب بن عدي رضي الله عنه لمّا قيل له لمّا اختطفته قريش وأرادت قتله، فقالت له: ما ظنّك لو أنّ محمّدًا مكانك؟ فقال رضي الله عنه: والّذي نفسي بيده لو كان لي ألف نفس تخرج نفس تلو الأخرى، لكان أحبّ من أن تُمسّ شعرة من رسول الله''، نعم كانوا يفدون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأرواحهم قبل أموالهم، وهكذا يجب أن يكون المؤمن المحبَّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ولا رخصة لأحد في تركها عند القدرة والإمكان، وأنّ من أضاع ذلك وتساهل فيه فهو متهاون بحقّ الله، وغير معظِّم لحُرمات الدّين، لأنّ المؤمن الكامل لا يقدِرُ أن يملك نفسه عند مشاهدة الاستهانة بحبيبه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم. والعجب كلّ العجب ممّن تراه إذا شُتِم أو شتم أبوه أو ظُلم بشيء من أمواله يقوم أتمّ القيام ويغضب أشدّ الغضب، ومَن فعل معه ذلك يُخاصمه ويُصارمُه الزّمان الطويل، ولا يفعل ذلك مع مَن تعرَّض لخير الخلق سيّدنا محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، بل تراه يتعلّل ويتعذّر بالأعذار الركيكة الّتي لا تقوم بها حجّة عند الله وعند رسوله صلّى الله عليه وسلّم، لذا أضعف الإيمان أن تصدر دعوات رسمية من حكومات الدول الإسلامية بالتّنديد للإساءة إلى سيّدنا وحبيبنا رسول الله -فداه أبي وأمّي- صلّى الله عليه وسلّم، بل الدعوة إلى تجريم الإساءة إلى المقدّسات الدينية، وأن تسعى للتّعريف بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم بإنشاء الأفلام الهادفة المترجمة إلى أكثر من لغة، وعقد الملتقيات الفكرية المعرّفة بسيرة الحبيب المحبوب صلّى الله عليه وسلّم ودعوة الإعلام المرئي والسمعي والمكتوب للدفاع عن سيّد ولد عدنان. ولا يجوز التعرّض للسفارات والقنصليات لأنّهم دخلوا بلداننا بالعهد والأمان والشرط، والمعاهد لا يجوز قتله كما قال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قتل معاهد فأنا حجيجه يوم القيامة''، وكما قال صلّى الله عليه وسلّم: ''المسلمون عند شروطهم''. ومع ذلك لابدّ أن نعترف بتقصيرنا بالتعريف برسالة الإسلام وبدعوة سيّد الأنام، فنقول ''عُذرًا رسول الله'' على عدم امتثالنا لأخلاقك الشّريفة، ولشمائلك النّبيلة، ''عذرًا رسول الله'' عن ابتعادنا عن منهج دعوتكم، ''عذرًا رسول الله'' عن تقصيرنا لجنابك الشّريف. * إمام مسجد ابن باديس - الجزائر الوسطى