إذا ترسّم غياب الأفالان عن الترشح في عدد من بلديات الوطن، فيدخل هذا ضمن علامات الساعة بالنسبة للحياة السياسية الجزائرية. باستثناء الغياب الإرادي عن الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 95 وفاز فيها اليمين زروال، فإن الأفالان شارك في كل المواعيد الانتخابية التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال وفي كل بلديات وأحياء وشوارع الوطن، كان للأفالان دائما ممثلون بغض النظر إن كانوا مناضلين حقيقيين في الحزب أم انتهازيين يبحثون عن المناصب أو موظفين إداريين أو أمنيين مكلفين بمهمة التصويت أو التزوير أو مراقبة الانتخابات لصالح الحزب الحاكم. وحتى عندما تراجعت شعبية الأفالان إلى أدنى المستويات وصوّت الجزائريون عقابا له، لم يغب هذا الأخير عن أي بلدية أو دائرة، لأن المسألة بالنسبة له مبدئية وحضوره داخل كل عائلة جزائرية أمر مصيري، ومن دون ذلك فالوحدة الوطنية ووحدة الشعب الجزائري في خطر. ولهذه الأسباب كلها يعتبر غياب الأفالان عن بعض البلديات بمناسبة الانتخابات المحلية القادمة من علامات الساعة سياسيا. ظاهريا الصراعات الداخلية التي يعيشها الحزب مسؤولة عن الصعوبات المسجلة في إعداد قوائم الأفالان. لكن هذه الصراعات ظاهرة صحية، حسب تصريحات عبد العزيز بلخادم في كل مرة، وكان الحزب دائما يتجاوزها عندما يحين موعد الحسم، لأن أصحاب القرار الحقيقيين يطلقون صفارة نهاية اللعبة والجميع يلتزم بالروح الرياضية ويصفق للفائز وينتظر الخاسر مناسبة أخرى للفوز... أين داء الأفالان إذن هذه المرة؟ لماذا عجز الباب العالي عن وقف اللعب والعودة إلى الأمور الجدية؟ هل تعطلت صفارة الباب العالي، أم الصفارة لم يسمعها أحد لكثرة أهازيج وصراخ المتصارعين؟ أم سمعت الصفارة ولم تحترم؟ أيا كان وضع الصفارة، فمعناه واحد، أن الباب العالي أتعبته صراعات الأفالان ولن يستطيع تحمّل أعبائها لفترة طويلة. وإن لم يتعب الباب العالي من صراعات الأفالان، فهو متعب من صراعاته هو. وبما أن الأفالان آل للتفكك التدريجي، فالأحسن إحالته للمتحف وإنقاذ ما تبقى من رمزيته من سقوطه في إحدى المزابل العمومية.