تراجعت حدة الانتقادات الموجهة في فرنسا للرئيس فرانسوا هولاند حيال اعترافه بإسم الجمهورية الفرنسية بمجازر 17 أكتوبر 1961. فبعد ردود الفعل السياسية على الساخن، جاء دور تحليل موقف هولاند والبحث عن خلفياته ومحاولة الرد عليه بالأدلة التاريخية... وهنا لم يقدم معارضو هولاند أي جديد كفيل بقلب الرأي العام الفرنسي على رئيسهم. هنري غينو، مستشار الرئيس السابق لنيكولا ساركوزي، لم يبد معارضة مباشرة لخطوة هولاند، وإن وصف هذا الأخير بأنه ''خدش بلاده''، فقد اكتفى بالتساؤل إن كانت تصريحات الإليزيه بخصوص 17 أكتوبر 61، ستؤدي إلى التوبة. وفي هذه الحالة فقط، يقول نائب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية ''أنا ضد''، مذكرا بموقف رئيسه السابق الذي قال ''لن أتوب وبإمكاننا أن نعيش مع الجزائر دون إتفاق صداقة''. ونقرأ في منبر كريستيان فاناست على الأنترنت، وهو نائب سابق عن حزب ساركوزي ''على فرانسوا هولاند أن يفرق بين الذاكرة والتاريخ''، ويعيب صاحب المقال على الرئيس الفرنسي، أنه حمّل الجمهورية الفرنسية مسؤولية أخطاء حكومات يسارية. وأعاب عليه أيضا محاولة انتقاء الأحداث وتشويه صورة الرئيس ديغول ومحافظ باريس في عهده وفي عهد بيتان موريس بابون، متجاهلا أن هذا الأخير كان أيضا محافظا يساريا في بوردو تحت وصاية ميتيران... واستخلص المقال: ''السياسيون الفرنسيون واليساريون بشكل خاص يحملون عبء تاريخيا يستدعي منهم الاعتذار فعلا، لكن عليهم أن يعتذروا للفرنسيين'' أولا. وراح المعلق إريك زمور بدوره يدافع عن ذاكرة الجنرال ديغول في تدخله عبر قناة ''أر تي آل'' واعتبر هولاند قد ''اتهم محرر فرنسا بارتكاب مجازر وليس أكثر''. واجتهد المعلق الذي ولد في فرنسا سنة 58 من عائلة غادرت الجزائر أثناء حرب التحرير، كثيرا لتكذيب وجود مجزرة وقعت يوم 17 أكتوبر 1961 ضد الجزائريين بباريس، من خلال إطلاق أبشع الأوصاف على المجاهدين ومناضلي جبهة التحرير الوطني والتشكيك في الأرقام والروايات التي يقدمونها عن القمع الذي كانوا يواجهونه من قبل السلطات الاستعمارية. أما زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، فاعتبرت في بداية رد فعلها الأرقام المقدمة بخصوص مجزرة أكتوبر 61 ''أكذوبة''، ثم تحججت بكون المسيرة لا يمكن وصفها ب''السلمية'' لأن جبهة التحرير آنذاك كانت تخوض حربا ضد فرنسا. قبل أن تتذكر الحركى والأقدام السوداء. واعتبرت لوبان أن الرئيس الفرنسي ''له أولويات أخرى تتعلق بثلاثة ملايين بطال، بدلا من الاعتذار وتشويه صورة بلاده''. مواقف وتعاليق اليمين الفرنسي القائمة على تقدير نوايا فرانسوا هولاند والخلط بين مجزرة ارتكبتها الشرطة الباريسية ضد مدنيين، مع كل المآسي التي عاشتها فرنسا في تاريخها الطويل مع الحروب، لا يرقى لمنع هولاند من الإقدام على خطوات أخرى في إتجاه إدانة الاستعمار، خاصة بمناسبة زيارته للجزائر في ديسمبر القادم. وهذا ما أورده ضمنيا، المؤرخ جون بيار ريو في حواره مع ''لوموند''، حين وصف الكلمات التي استعملها بيان الإليزيه للاعتراف بمجازر أكتوبر 61 ، ب''منتصف الطريق بين النكران والتوبة''، واعتبر ذلك كفيلا ب''تفكيك العقدة أكثر فأكثر''. أما عن موقف اليمين من خرجة الرئيس هولاند وإشهاره صورة ديغول للتشكيك في شرعية الاعتراف بتلك المجازر، فقال المؤرخ ''ديغول ليس رمزا مقدسا بالنسبة للاتحاد من أجل الحركة الشعبية ولا للجبهة الوطنية، بل هناك أولا زبائن انتخابيين بالنسبة للحزبين''، وهؤلاء الزبائن هم ''جمعيات المرحلين وأبناء وبنات الحركى... اليمين يسعى لدعم مصالحه الانتخابية أولا''، يقول جون بيار ريو.