أيام معدودة تفصلنا عن حلول عيد الأضحى المبارك، ويوم تلو آخر ترتسم معالم الفرحة في بيوت الجزائريين، وتنتعش بعض المهن في الأسواق التي ترتبط بالتحضير لهذه المناسبة، على غرار شحذ السكاكين وبيع الفحم وموقد ''الباربيكيو''. وإن كانت طاولات شحذ السكاكين التي تتزين بها أحياء وأسواق العاصمة قد اختفت هذه السنة بسبب حملة تنظيف الطاولات الفوضوية، إلا أن المواطنين أصبحوا يلجأون إلى الشحاذين المتجولين. من بين مظاهر الاستعداد لإحياء سنّة سيدنا إبراهيم عليه السلام، شحذ السكاكين والسواطير وكل ما له علاقة بنحر الأضحية وسلخها وتقطيعها، حيث تلجأ العائلات الجزائرية بعد بضعة أيام من هذه المناسبة إلى محترفي هذه المهنة، من أجل ضمان عملية النحر دون متاعب. ولا تكتمل الفرحة إلا باقتناء مادة الفحم و''الشواية'' للتمتع بطعم اللحم المشوي بعد أداء السّنة. ولرصد أجواء عيد الأضحى جالت ''الخبر'' بمرافق المذبح البلدي للرويسو بالعاصمة، أين تتم عملية ذبح الماشية طوال السنة وشحذ السكاكين. كان السيد لزرار عبد السلام، 42 سنة، منهمكا في شحذ سكاكين إحدى الزبونات على الآلة التي يدوّي صوتها المكان، بينما كانت تحيط به حقائب كثيرة مملوءة بمختلف لوازم الذبح تنتظر دورها في ديكور مميز لا يعود إلا في مناسبة العيد. ولم تمنع الجروح التي كانت على يدي عبد السلام بسبب شحذ السكاكين من مواصلة العمل وهو يحدثنا عن هذه الحرفة التي ورثها عن والده بعد وفاته سنة .2005 يقول محدثنا ويديه تداعب الآلة ''منذ 30 سنة وأنا أمارس هذه الحرفة التي تعتبر مصدر رزق عائلتي الوحيد رغم خطورتها، فيداي كما ترون تحمل عدة جروح، لكنها بالنسبة لي طفيفة''. وعن سعر عملية الشحذ أضاف عبد السلام ''يحدد السعر حسب حجم السكين الذي لا يتجاوز 40 دينارا، بينما يصل ما أجنيه في اليوم من هذه الحرفة ألف دينار''. ذكريات الأسواق الفوضوية ومع إزالة الأسواق الفوضوية، ينتظر عبد السلام من وكالة دعم وتشغيل الشباب أن تمنحه سيارة نفعية من أجل التنقل بين الأحياء وممارسة هذه الحرفة''. وفي طابور الزبائن، كانت النسوة تتبادلن أطراف الحديث حول ترتيبات العيد، سألنا إحداهن حول الموضوع فردت قائلة ''كنت أشحذ السكاكين بسوق مارشي 12 (بحي بلكور الشعبي)، ولكن بعد إزالته نصحني أحد الجيران بالمجيء إلى هنا، أين يوجد شحاذون ذوو خبرة، وقد جلبت معي 8 سكاكين من مختلف الأحجام لشحذها''.. يقاطعها أحد الزبائن: ''عبد السلام مثلا يحترف هذه الحرفة منذ 30 سنة، وهو يشحذ بطريقة جيدة، وأنا أستعين بخدمته في كل مناسبة''. وغير بعيد عن هذا الشحاذ، كان العرق يتصبب من جبين الحاج قدور محمد، 50 سنة، بسبب الحرارة المنبعثة من آلة الشحذ، وطلبات الزبائن الكثيرة، الذين يشددون على أن يكون ''موس الذبيحة ''حادا جدا، لتسهيل عملية الذبح، وهو ما لاحظناه، إذ أن عملية شحذ أي سكين كان يأخذ من وقته حوالي 10 دقائق''. يقول الحاج قدور: ''أنا معتاد على شحذ السكاكين بسوق بلدية براقي، ولا أقصد مذبح رويسو إلا في عيد الأضحى المبارك بسبب تهافت الزبائن عليه في هذه المناسبة''. أما عن أسعار الشحذ، فقد ارتفعت، يقول محدثنا، من 30 إلى 40 دينار هذه السنة''. بيع الفحم و''الشواية'' هي الأخرى تجارة تنتعش خلال هذه المناسبة. ففي سوق بومعطي بالحراش بالعاصمة، يعرض الباعة الفوضويون مختلف أنواع ''الباربيكيو'' بأسعار تتراوح بين 300 إلى 1200دينار، والفحم ب20 دج للكلغ الواحد. مصطفى عمروش، لا يتجاوز سنه 18 سنة، كان يعرض على طاولة صغيرة الفحم والشواية. يقول بهذا الخصوص: ''بالنسبة لي يعد عيد الأضحى المبارك مناسبة لجمع بعض المال لأشتري كل ما أرغب فيه''.