لا يخامر كمال رزاق بارة، المستشار برئاسة الجمهورية المكلف بملف مكافحة الإرهاب، شك في أن مجلس الأمن الدولي سيوصي، غدا، بإيفاد قوة عسكرية إفريقية إلى شمال مالي، ولمح بارة إلى تطمينات أمريكية فرنسية للجزائر بخصوص هذا التدخل: ''يقولون لسنا نحن من سيتدخل بل الأممالمتحدة''، لافتا إلى أن المجموعة الدولية تحاول تغيير المصطلحات في تبرير التدخل تحت ذريعة ''الحاجة الإنسانية رغم أننا نعلم أن المضمون لم يتغير''. أفاد كمال رزاق بارة بأن اجتماع مجلس الأمن بخصوص ملف مالي حدد بتاريخ العاشر ديسمبر الجاري. وقال في محاضرة ألقاها أمس بكلية العلوم السياسية والإعلام بالعاصمة، إن ''كل المؤشرات توحي بأن الأممالمتحدة ستوصي بإيفاد قوة عسكرية إفريقية لمساعدة حكومة مالي للتحضير لاسترجاع الشمال''. ولكن السؤال وفقا لبارة الذي قال إن كلامه لا يلزم الجهات الرسمية: ''هل سيكون قرار مجلس الأمن في شكل توصية؟ المؤكد أنه سيصدر تصريح رئاسي لمجلس الأمن لإنشاء قوة إفريقية إلى مالي''. وانتقد المستشار برئاسة الجمهورية ''ابتعاد الأممالمتحدة عن مبادئ السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول، لأن المجموعة الدولية طورت مبادئها واستبدلتها بفكرة إجبارية التدخل لحماية الأهالي، ويقولون إن الأزمة الإنسانية في الساحل تقع تحت طائلة هذه الفكرة''. ولمح كمال رزاق بارة لبعض الحوارات الرسمية التي تجري بين الجزائر وواشنطن وباريس، بما يوحي بأن العاصمتين تحاولان تقديم ضمانات بأنهما لن تشاركا عسكريا في الحملة المرتقبة ''الأمريكيون والفرنسيون يقولون ليس نحن من سيتدخل بل الأممالمتحدة''. وذكر بارة أن الجزائر تشدد على أمرين: ''ضرورة عدم تحويل الأزمة في مالي إلى صراع عنصري، أي تفادي تقديم الأمر على أنه صراع بين التوارف المسلمين والسود المسيحيين''، وبالتالي ''فإنه في حال وجود تدخل عسكري إفريقي فسيصور حربا من قوة سوداء ضد شعب أبيض''، وثانيا ''تفادي العسكرة الدولية لمكافحة الإرهاب، لأن المجموعات الإرهابية يجب أن تحارب بالوسائل المعروفة''. والطريق الأسلم في ذلك، يقول رزاق بارة، في ''تطوير الحوار بين الأطراف المالية، لأننا لا نؤمن لا بالدولة الدينية ولا بالدولة الإثنية، وإنما نؤمن بالدولة الديمقراطية''. وكشف أن الجزائر بلغت هذا الأمر لحركة ''أنصار الدين'' الترفية والتي تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية. ''قلنا لهم لا يجب أن تحكموا الناس بالدين وإنما بالقانون.. وكل هذا يتماشى بالضرورة مع الدفع بالتنمية ومكافحة التطرف والعنف''. وقدم كمال رزاق بارة الأزمة الليبية كعامل مفجر للأزمة في مالي، لكنه ليس الوحيد: ''مع سقوط نظام معمر القذافي عاد قرابة 600 ترفي مسلح كانوا مساعدين في الجيش الليبي، منهم 150 دخلوا النيجر وصودرت أسلحتهم، لكن 450 دخلوا مالي بأسلحة ثقيلة وأموال''، بيد أنه اعتبر الخطر في مالي مصدره الجماعات الإرهابية التي استفادت من وضع سابق ''في وقت ما أصبحت الحكومة المالية عاملا معرقلا لمكافحة الإرهاب، إثر استفادة بعض الأطراف داخلها من الفديات التي تدفع لقاء الإفراج عن رهائن غربيين''. ووفق تقديراته، فإن ''الجماعات الإرهابية في الساحل حصلت منذ 2003 إلى اليوم على 150 إلى 200 مليون أورو لقاء الفديات''. وصنف الجماعات الإرهابية إلى صنفين: ''دينية جهادية مثل القاعدة، وأخرى مرتبطة بالجريمة المنظمة والتهريب مثل التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وللأسف المجموعة الدولية لم تنتبه مبكرا لتحالف الإرهاب مع الجريمة المنظمة''.