شرعت هيئة أركان الجيش الوطني الشعبي في تنفيذ مجموعة من التمارين التعبوية والمناورات المحدودة، التي تحاكي عمليات قتال واسعة النطاق مع مجموعات مسلحة في الصحراء المفتوحة وفي مناطق صحراوية صخرية، تتعلق بمواجهة مفترضة مع الكتائب المسلحة التابعة للتنظيمات السلفية المتشددة، الموجودة في شمال مالي. برمجت هيئة الأركان مع قيادات القوات الجوية وقيادة الدرك الوطني تدريبات تشارك فيها قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب تابعة للقوات الخاصة وقيادة القوات البرية وقيادة النواحي العسكرية الرابعة والسادسة والثالثة، وقيادة القوات الجوية وقيادة الدرك الوطني. وكشف مصدر عليم ل''الخبر'' بأن التدريبات التي بدأ التحضير لها جزئيا منذ شهر سبتمبر الماضي، ستتواصل على مدى سنة كاملة، والتمارين القتالية التي برمجتها القيادة العسكرية تتضمن تدريب القوات على معارك واسعة النطاق في الصحراء مع مجموعات مسلحة كبيرة العدد، وحصارها وتدميرها ومطاردتها في مواقع وعرة تتشابه مع جبال شمال مالي، وتدريب القوات على طريقة التعامل مع مجموعات جيدة التسليح وقادرة على التنقل بسلاسة في الصحراء، بالإضافة إلى تحرير الرهائن والتسلل إلى مواقع محصنة في الصحراء من طرف وحدات نخبة، والتنسيق بين القوات الجوية والوحدات المحمولة على متن طائرات عمودية، واستغلال وسائل الاتصال والتجسس الحديثة. ويتضمن تدريب المتخرجين الجدد من كل المدارس العسكرية، تمارين على حرب الصحراء وظروف القتال ضد العصابات في مناطق مفتوحة وفي مواقع صحراوية جبلية، بالإضافة إلى تدريب كل الطيارين على العمل الطويل في الصحراء، والوصول إلى أقصى درجات التنسيق بين مختلف فروع القوات المسلحة أثناء مواجهة طويلة الأمد مع مجموعات مسلحة، تتنقل على متن سيارات رباعية الدفع وجيدة التسليح في مواقع صحراوية مفتوحة وفي مناطق جبلية صحراوية وعرة، مثل وادي إيزواك ومرتفعات إيفوغاس في شمال مالي. ويختلف نمط الحرب، الذي شرعت قيادة الجيش في تدريب أغلب قواتها عليه، عن عمليات مكافحة الإرهاب المعروفة لدى قادة الوحدات العسكرية من ناحية كثافة النيران التي تتعامل بها الكتائب الرئيسية لتنظيم القاعدة، وحركة التوحيد والجهاد التي حصلت على قذائف صاروخية نوعية من معسكرات الجيش المالي ومن الأسلحة المهربة من ليبيا، وهو ما يفرض على الجيش الجزائري طريقة مختلفة في قتال هذه المجموعات، تكاد تتشابه مع حرب العصابات، لكنها تقترب مما يسمى في العلم العسكري الحرب الكلاسيكية. وكانت قيادة الجيش قد بدأت منذ عام 2002 عمليات تدريب كبيرة للقوات الجوية والقوات الخاصة، على العمل في الصحراء، ثم توسعت التمارين العسكرية في إطار تدريبات مشتركة مع جيوش دول الساحل. وتؤكد هذه المعطيات أن القيادة العسكرية في الجزائر بدأت تأخذ التهديد الذي يشكله تواجد قوات تابعة لتنظيم القاعدة وموالية له قرب الحدود الجنوبية، على محمل الجد، كما أن الجيش الجزائري بدأ يعد العدة لاحتمال المواجهة مع الكتائب المسلحة التابعة للتوحيد والجهاد والقاعدة التي تتمركز في شمال مالي، والتي تضاعف عدد مقاتليها في السنوات الماضية إلى مستوى باتت معه قادرة على مقارعة الجيش المالي وطرده من مدن وقواعد عسكرية والاستيلاء عليها. ويشير متتبعون للشأن الأمني إلى أن المجموعات العسكرية المسلحة التابعة للفصائل السلفية الموجودة في شمال مالي، لا يمكنها تهديد الحدود الجنوبية للجزائر بسبب التفوق العسكري الذي تملكه القوات الجزائرية، والقدرات التقنية الكبيرة للجيش، لكن التدريبات هي تحضير ضروري لمواجهة أسوأ الاحتمالات، وتأمين الحدود حتى لو تطلب الأمر مطاردة الجماعات المسلحة إلى ما وراء الحدود.