.صدرت دراسة عن مؤسسة "بيو" الأمريكية، الأسبوع الماضي، تؤكد وجود ما يتجاوز العشر أقليات دينية بالمغرب، إلى جانب الأكثرية المسلمة، أهمها الأقلية المسيحية، التي تفوقت من ناحية العدد لأول مرة الأقلية اليهودية، إلى جانب اللا دينيين والبوذيين والبهائيين والهندوس. وأيضا مجموعات ما أسمته بالديانات الشعبية.حازت الأقلية المسيحية حسب التقرير، أول مرتبة بعشرين ألف مواطن، فيما راوحت بقية المجموعات المشار إليها رقم العشرة آلاف مغربي، ليكون بذلك أول تقرير يقر بوجود أقليات لا دينية وبوذية وهندوسية في المغرب، مما يعتبره مجموعة من الحقوقيين مناسبة لإعادة فتح النقاش حول قضية حرية المعتقد. وتراجعت أعداد اليهود المغاربة إلى أقل من عشر آلاف، بعد الهجرات الواسعة لمجموعات اليهود المغاربة، في العقود الماضية، باتجاه اسرائيل وأمريكا وفرنسا، فيما عرفت السنوات السابقة نشاطا متوسطا لمجموعات تبشيرية مسيحية، وهي المجموعات التي تتعرض لمضايقات السلطات المغربية، التي تمنع أي نشاط دعوي، من شأنه أن يزعزع العقيدة السنية المسلمة للمغاربة.وبرز ساعة الحراك السياسي الذي عرفه المغرب، طيلة السنتين الماضيتين، ممثلا في حركة عشرين فبراير الشبابية، الكثير من الجدل حول الاختلافات الدينية، أبرزه اتهامات تم تداولها عبر منابر إعلامية مغربية ووسائل الاتصال الاجتماعي، لشباب العشرين فبراير، تتهمهم بأنهم لا دينيين، وأيضا بعدم صوم شهر رمضان، وهي الفريضة التي تعد أكثر تقديسا عند عموم المغاربة.كما شكل الحراك مناسبة لظهور مجموعات شيعية، بين مغاربة الداخل والخارج، خصوصا بعد حادث إغتيال إمام مغربي شيعي في بلجيكا، ودفنه في مدينة طنجة شمال المغرب.وعلق رئيس مجموعة الديمقراطية والحداثة، كمال الحبيب، لمراسل "أنباء موسكو"، على الدراسة، أن تلك الأرقام مهما كانت نسبة صحتها، فهي دليل جديد على ضرورة طرح مسألة حرية المعتقد من جديد؛ "ولا يعقل أن تستمر ترسانة تشريعية تعتمد الدين كأصل للتشريع"، مؤكدا أن المعركة القانونية لإقرار حرية المعتقد قانونيا .وأكد الحبيب، وهو قيادي في حزب اليسار الاشتراكي الموحد، العلماني الداعي لتغييرات في نظام طبيعة نظام الحكم بالمغرب، أن مجموعة من الهيئات المدنية والسياسية، بصدد إعادة اطلاق حملة للمطالبة بحرية المعتقد، كانت قد راسلت مختلف الوزراء والأحزاب السياسية السنة الماضية، بغرض الاعتراف بحرية التدين والمساواة، تشريعيا وجنائيا في المغرب، بعد التغيير الدستوري السنة الماضية، "إذ لا يمكن الحديث عن الديمقراطية دون ضمان حرية التدين والاختلاف" بحسب تعبيره. وفيما أكد كمال أنه لا يوجد الكثير من الخلافات حول مبدأ حرية المعتقد بين الفرقاء السياسيين، بما في ذلك الاسلاميين، فإن مصادر من داخل اللجنة التي عينها الملك السنة الماضية، لتعديل الدستور، أكدت في تصريحات متفرقة، أن قيادات حزب العدالة والتنمية، تدخلت بقوة من أجل حذف التنصيص على حرية المعتقد دستوريا، وهو ما تم فعليا، إذ لم تشر أي مادة لذلك في الدستور الجديد، والذي عُدل بضغط من المظاهرات الصاخبة التي عرفها الشارع المغربي، منذ فبراير 2011.وفيما تغيب أي تعبيرات معلنة لمعتنقي الديانات البوذية والبهائية والهندوسية المغاربة، تعرف المجموعات اللا دينية نشاطا مطردا، إذ تستغل وسائل الاتصال الاجتماعي، وتنظم تحركات في الواقع، أهمها مجموعة "مالي" الشبابية، للدفاع عن الحريات الفردية، والتي كانت قد نجحت في فتح النقاش حول حرية التدين لأول مرة سنة 2010.