نجت سيدة تبلغ من العمر 52 سنة، من الموت، جراء مضاعفات نسيان جراحين بمستشفى جيلالي رحموني بالعاصمة ضمادات داخل معدتها لم تكتشف إلا بعد مرور شهرين من إجراء العملية. علما بأن المعنية داخلت المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال المرارة. يقول يزيد زوج المريضة، هدى ثابت، أنها دخلت المؤسسة الاستشفائية جيلالي رحموني لإجراء عملية جراحية لاستئصال الحويصلة الصفراوية ''المرارة''، لكنها خرجت لا تقوى حتى على المشي ولا الأكل. ويروي يزيد أنه رافق زوجته إلى المستشفى يوم 21 أوت المنصرم لإجراء عملية جراحية مستعجلة من أجل استئصال المرارة بعد معاناة طويلة مع المرض، غير أنها خرجت منه في حالة صحية جد متدهورة، وعاودتها آلام كبيرة على مستوى المعدة، فلم تعد تقوى على الحركة أو القيام بأي شيء، ولا مجرد الوقوف بمفردها، أو شرب الماء أو الأكل وإن حاولت تتقيأ مباشرة. ولاستجلاء الأمر، أعاد الزوج زوجته إلى المصلحة المعنية بنفس المستشفى، لكن الأطباء أكدوا له أن ما تعاني منه هو نتيجة طبيعية لما بعد العملية الجراحية. ولكن الزوج لم يقتنع، فقام بنقل زوجته إلى الدكتور حسان هامل، أخصائي في الأمراض الداخلية والجهاز الهضمي بحي العناصر ببلدية القبة، والذي بعد معاينة المريضة وملفها الطبي وفحصها بالمنظار الهضمي تفاجأ بوجود ضمادات في المعدة. وهنا أصيب الزوج والطبيب بالصدمة، وقام بتحرير رسالة عاجلة إلى إدارة المستشفى تضمنت الإسراع بالتكفل بحالة المريضة نظرا لخطورة بقاء تلك الضمادات في معدتها، وهو ما تم فعلا، حيث خضعت لعملية جراحية ثانية، لانتزاع الضمادات من معدتها، وهي التي قصدت المستشفى في المرة الأولى لإزالة المرارة! العائلة اليوم لا تزال تعيش تحت وقع الصدمة، رغم زوال القلق نسبيا، خاصة بعدما فقدت المريضة أكثر من 14 كلغ من وزنها في مدة لم تتجاوز الشهرين. بالمقابل، تنقلت ''الخبر'' إلى مستشفى جيلالي رحموني، ورفض موظفون بالإدارة الرد على استفساراتنا، متحججين بغياب مدير المستشفى باستثناء الاعتراف باستقبال المريضة ومعالجة المشكل على الفور. ورغم تكرار اتصالاتنا بإدارة المستشفى إلا أنها باءت كلها بالفشل. رئيس عمادة الأطباء نستقبل ملفات الضحايا منذ 10 سنوات والتعويض بعد فوات الأوان أكد رئيس عمادة الأطباء ورئيس مجلس أخلاقيات مهنة الطب، محمد بقاط بركاني، أن ضحايا الأخطاء الطبية المستفيدين من أحكام قضائية بالتعويض لصالحهم من طرف المؤسسات الصحية، يعانون من عدم استيفاء مبالغ التعويض إلا بعد 6 أشهر فأكثر، وهو ما يعلّق عملية العلاج التي يفترض أن يخضعوا لها بصفة سريعة والتي تعتمد على أموال التعويض، والتي تتسبب في فوات الأوان أحيانا. وأوضح بقاط أن هذه الوضعية تؤثر على وضعهم الصحي أكثر مما يجعل من الضرورة تخصيص ميزانية سنوية توجه لفائدتهم. وأفاد المتحدث أن ضحايا الأخطاء الطبية بإمكانهم تقديم ملفاتهم حول الأضرار التي تعرضوا لها بسبب الإهمال الطبي لدى المجلس كل على حدا. مبرزا أن مجلس أخلاقيات مهنة الطب مستعد لدعم الضحايا والوقوف معهم في العدالة ضد المؤسسات الصحية، إذا ما أكدت الأدلة التي بحوزتهم تورط الأطباء، وأنها ستحرص، من خلال العدالة، على إلحاق أشد العقوبات بهم. مشيرا إلى أن المجلس يستقبل ملفات الضحايا منذ 10 سنوات كاملة، والتي تتنوع مضامينها بين تقديم شكاوى وبين تقديم أدلة تثبت تورط الأطباء. وأضاف في السياق أن العدالة وحدها ''المخولة لتحديد مسؤولية الطبيب أو مسؤولية جهة أخرى من المؤسسات الطبية''. ودعا محدثنا السلطات إلى تخصيص مبالغ مالية تدرج في إطار ميزانية سنويا توجه لتعويض ضحايا الأخطاء الطبية عن الأضرار التي لحقت بهم. الدولة لا تملك خطة لمنع تكرار هذه الأخطاء البدائية أفاد رئيس منظمة الأخطاء الطبية، محي الدين بوبكر، أن أزيد من 90 في المائة من الضحايا لا يستفيدون من أحكام لصالحهم بسبب ''نقص الأدلة'' التي تثبت إدانة الأطباء الأمر الذي يدفع إلى تعليق ملفاتهم. وطالب بإعادة تقييم وضع الصحة في بلادنا والحديث عن إجراءات ''ما بعد الجريمة''، من خلال تأسيس قانون يحمي حقوق هذه الفئة، خاصة أن بعض المرضى وقعوا ضحايا لعمليات سرقة أعضاء. وقال بوبكرل''الخبر'' أن قانون الصحة بالجزائر لم يتغيّر منذ 1986 مما جعل الوزارة لا تملك مخططا استعجاليا تعتمد عليه في حالة حدوث الأخطاء الطبية أمام غياب قانون صريح يضمن حق المريض، موازاة مع استمرارها في العمل بقوانين الثمانينات وإبقائها على القوانين الجديدة رهينة الأدراج. الجزائر: مريم شرايطية