من الخصائص التّكريمية للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ اللّه أخذ له الميثاق من جميع الأنبياء، بالإيمان به ونصرته؛ قال تعالى: {وإذ أخذ اللّه ميثاق النّبيِّين لِمَا آتَيْتُكم من كتاب وحكمة ثمّ جاءكم رسول مُصَدِّقٌ لمَا معكم لتؤمِنُنَّ به ولتَنْصُرَنَّه قال أأقررتُم وأخذتُم على ذَلِكُمُ إصْرِي قالوا أقررنا} آل عمران:81، فأخبر سبحانه أنبياءه أنّ عليهم الإيمان بمحمّد وقت مجيئه، وأنّ عليهم نصرته وتأييده، وقد أقرّ الأنبياء بذلك، فآمنوا برسالته، وأقرُّوا ببعثته. وهذه الخصوصية ليست لأحد منهم سواه. وقد روي عن عليّ بن أبي طالب وابن عباس رضي اللّه عنهم، أنّهما قالا: ما بعث اللّه نبيًا من الأنبياء إلاّ أخذ اللّه عليه الميثاق، لئن بعث اللّه محمّدًا وهو حيٌّ ليؤمننّ به وينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمّته، لئن بُعث محمّد وهُم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنه. وممّا اختص به عليه الصّلاة والسّلام، أنّ اللّه سبحانه قذف في قلوب أعدائه الرُّعب والخوف منه، حتّى لو كانوا على مسافة بعيدة منه، ولم يحصل هذا لأحد قبله، يقول صلّى اللّه عليه وسلّم: ''نُصِرْتُ بالرُّعب مسيرة شهر''، رواه البخاري ومسلم. ومنها أيضًا أنّ أمّته خير الأمم، قال تعالى: {كنتم خيرَ أمّة أُخْرِجَت للنّاس} آل عمران:110، وقوله عليه الصّلاة والسّلام: ''إنّكم تتمّون سبعين أمّة، أنتم خيرَها، وأكرمها على اللّه''، رواه الترمذي. وإنّما نالت هذه الأمّة هذه الخيرية بنبيّها محمّد عليه الصّلاة والسّلام، فإنّه أشرف مخلوق على اللّه، وأكرم الرسل عليه سبحانه. وأنّ الطّاعون والدجّال لا يدخلان مدينته؛ يقول صلّى اللّه عليه وسلّم: ''على أبواب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطّاعون، ولا الدجّال''، رواه البخاري ومسلم. ومن خصائصه التّكريمية صلّى اللّه عليه وسلّم وجوب محبّته، وتقديمها على محبّة النّفس والأهل والمال والولد، قال تعالى: {قُل إنْ كان آباؤُكُم وأبناؤكُم وإخوانكُم وأزواجكُم وعشيرتكُم وأموالٌ اقترفتُموها وتجارةٌ تخشونَ كسادَها ومساكِنَ ترْضَوْنَها أحبَّ إليكم من اللّه ورسوله وجهاد في سبيله فتَرَبَّصوا حتّى يأتيَ اللهُ بأمْرِه} التوبة:24، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: ''لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والنّاس أجمعين''، رواه البخاري ومسلم.