إيّاك أن يزلّ لسانك بكذبة أو غيبة أو نميمة، فالعالم مُنَزَّه من ذلك، وإيّاك والسبّ والشّتم واللّعن فإنّها من أخلاق السّفلة، واجتنِب الطعن والتّقيص وإظهار عيوب الغير وإن كانت حقًّا، فالعالم مَن غضَّ عن النّقائص ورأى الكمال والفضائل، فعين الكمال لا ترى إلاّ الكمال. وإيّاك والتّعيير للغير أو إظهار الشّماتة به، خاصة إذا آذاك وانتصر اللّه لك، بل سل اللّه له العفو والمغفرة، واجعل التّقوى دائمًا وقاية لك من إيذاء الخلق أجمعين. وانظر إلى خلق اللّه أنّهم خير منك عند اللّه لئلاّ تعلو بعلمك على أحد فيكون عند اللّه خيرًا منك. واتّصف ما استطعتَ بصفة الوقار والهيبة لا بالملبس والمظهر، ولكن بملء قلبك بهيبة اللّه وهيمنة جلال اللّه على جوارحك، واصدق علمك بعملك حتّى ينفذ علمك في قلوب الخلق فإنّ ما خرج من القلب سقط في القلب، وما خرج من اللّسان كان حظه الآذان. وابذل جهدك أن تربّي النّاس على آداب الشّريعة المستنبطة من السنّة الشّريفة، فإنّ للمربّي منزلة لا يدركها مَن علم الأحكام فقط، قال عليّ رضي اللّه عنه: ''لولا المربّي ما عرفتُ ربّي''. فالمربّي هو مَن عرّف الخلق بالله حبًّا وتعظيمًا ومهابة وطاعة، فيبذل الخلق له قلوبهم وحياتهم، ولا تعتمد على تعليم الأحكام إلاّ بعد تعليم الإيمان فالمنفّذ للأحكام هو الإيمان.