فقدت الساحة الفنية والكاميرا الجزائرية، أول أمس، أحد أكبر الأسماء في فضاء الفن السابع، المخرج عبد الرحمن بوفرموح، بعد عطائه الكبير، وسيوارى الثرى، اليوم، بمسقط رأسه في قرية ''أوزلاغن'' ببجاية. يعتبر المخرج السينمائي عبد الرحمن بوقرموح، الذي رحل أول أمس، عن عمر ناهز 77 عاما، من أبرز السينمائيين الجزائريين، الذين تكوّنوا في باريس ضمن توجه سينمائي طغت عليه روح التجديد والسينما الجديدة، وبرزت قدرته على الإخراج بعد أن عمل مساعدا لمحمد الأخضر حمينة في فيلم ''وقائع سنين الجمر''، الذي افتك جائزة ''السعفة الذهبية'' في مهرجان كان الدولي للسينما سنة .1975 ولد بوفرموح يوم 25 فيفري 1936 بقرية ''أوزلاغن'' بالقبائل الصغرى، كان والده مدرسا للغة الفرنسية، وفّر له أجواء خاصة مرتبطة بالشعر والأدب. درس المرحلة الثانوية في مدينة سطيف، وعايش أحداث الثامن ماي 1945 الفظيعة. تعرف العام 1957 بالروائي الكبير مولود معمري، وربطته به صداقة دامت طويلا. في العام 1960 التحق بوفرموح بباريس لدراسة فن السينما. وفي سنة 1963، عاد إلى الجزائر وشارك في تأسيس المركز الوطني للسينما، وفي نفس الوقت فكّر في إخراج أول فيلم ناطق بالأمازيغية سنة 1965، استنادا إلى نص للروائي الراحل مالك حداد، لكن وزارة الثقافة آنذاك رفضت الفكرة، مفضلة إنتاج الفيلم في نسخة ناطقة بالعربية. وفي العام 1968، قرر تحويل رائعة مولود معمري ''الربوة المنسية'' إلى فيلم سينمائي، واعتبر مرة أخرى أن الفيلم لا يمكن تصويره إلا بالأمازيغية، ليلقى مشروعه نفس الرفض. وفي السبعينيات عمل إلى جانب لخضر حامينة، وساعده في إخراج فيلم ''وقائع سنين الجمر''، ثم انتقل للعمل في التلفزيون، وأخرج عددا من الأفلام الناجحة منها ''عصافير الصيف'' سنة 1978، ثم فيلم ''كحلة وبيضاء'' (1980) الذي أهداه لأنصار فريق وفاق سطيف، باعتبار أنه فريقه المفضل. وقد حقق الفيلم نجاحا جماهيريا كبيرا، واعتبر من ضمن الأفلام التي خلقت حركية سينمائية في الجزائر، على غرار فيلم ''عمر فتلاتو'' لمرزاق علواش أو ''عطلة المفتش الطاهر'' للمخرج موسى حداد، كما تحصل فيلمه القصير ''صوت الحجارة'' على عدة جوائز عالمية في عدة مهرجانات. ويعتبر فيلم ''الربوة المنسية'' الذي أخرجه سنة 1990، من أحدث أفلامه. ظل بوفرموح، طيلة حياته، صاحب مواقف، وعرف بنضاله المتواصل والصلب في الدفاع عن الإرث الأمازيغي.