يعترف الأمين العام المساعد في الاتحاد التونسي للشغل، كبرى النقابات العمالية في تونس، بصعوبة الظروف المعيشية للتونسيين، بفعل الارتفاع الجنوني للأسعار وغلق عدد من المؤسسات الإنتاجية، خاصة في قطاع السياحة، ويرجع ذلك إلى عوامل التهريب وعدم خبرة الحكومة وحالة نقص الأمن في تونس. ما هي التكلفة الاجتماعية التي يدفعها التونسيون بسبب الجمود السياسي والعطب الاقتصادي في البلاد؟ قبل الكلفة الاجتماعية والاقتصادية، يجب أن نتحدث عن كلفة الحريات العامة التي باتت مهددة بالعنف والجريمة المنظمة. ولعل هذا الأمر الذي يعكّر الوضع الاجتماعي له انعكاس مباشر على الوضع الاقتصادي، لأنه حين يتسلل العنف والإرهاب إلى أي مجتمع فإن حركة الإنتاج تتعطل. وحركة الإنتاج تعطلت، بالفعل، في تونس. المواطنون، والموظفون عموما، مردودهم في العمل بات ناقصا، بسبب حالة القلق. والمستثمر المحلي أو الأجنبي، المالك لوسائل الإنتاج، لم يعد آمنا على معمله، وهناك من لم يعد قادرا على التوجه بالإنتاج إلى السوق، وعندما لا تحضر السلع بالقدر الكافي في السوق تلتهب الأسعار، ويؤثّر على المقدرة المعيشية والشرائية للمواطنين. يقول التونسيون إن التهريب الفاضح للسلع والخضروات إلى ليبيا أبرز سبب لارتفاع الأسعار. ما تعليقكم؟ التهريب خاصة على الحدود مع ليبيا وضع تونس في مرحلة خطر على الصعيد الاجتماعي، من خلال نقص السلع وارتفاع الأسعار، لكن هذا ليس السبب الوحيد، فماكنة الإنتاج تعطلت منذ سنتين على الأقل، وهناك ارتفاع في التضخم وتدهور في المعيشة. رغم أننا بذلنا في الاتحاد التونسي للشغل جهودا كبيرة في رفع أجور العمال والموظفين، إلا أن هذه الزيادات سريعا ما ينتهي مفعولها، بسبب الارتفاع الموازي للأسعار. وبات المواطنون في عجز معيشي وتدهورت قدرتهم الشرائية، وما زاد من حجم المشكلة أن عددا كبيرا من مناصب الشغل تم فقدانها، بسبب مغادرة بعض المستثمرين لتونس للاستثمار في دول أخرى. لعل لهذا الوضع الاجتماعي الحاد علاقة بالتوتر السياسي الراهن في تونس؟ بالتأكيد، مَن مِن المستثمرين يغامر بالاستثمار في دولة مضطربة وغير مستقرة سياسيا. هناك عدد من المؤسسات الإنتاجية أغلقت أبوابها بسبب ذلك. وحركة الطيران باتجاه تونس قلّت وقلّ معها تدفق السواح على تونس، وأدى ذلك، تباعا، إلى غلق عدد من المؤسسات الفندقية. وكان قطاع السياحة هو القطاع الأكثر تضررا من هذه الوضعية، طبعا، وقد انجر على ذلك تسريح العمال، وارتفعت نسبة البطالة إلى حدود 19 بالمائة، بمعنى أننا نسير في اتجاه معاكس لوعود بتوفير مناصب الشغل. هل الحكومة الحالية مسؤولة على هذا الوضع الاجتماعي، رغم أنها عملت في ظروف صعبة؟ عندما يتحمّل طرف ما المسؤولية عليه أن يدرك حجم التحديات ويحدد أهدافه، والحكومة الحالية غير مقدّرة لعواقب هذه الوضعية، ومع نقص خبرة الوزراء، خاصة المشرفين على القطاعات الإنتاجية والاقتصادية، وكذلك السياسيين بسبب اللهفة على الكراسي. وأغلب الاحتجاجات في تونس لها طابع اجتماعي وترفع مطالب الشغل والصحة وتحسين ظروف المعيشية والخدماتية، خاصة بالنسبة لبطالة الشباب، وإذا لم نتعاون على وقف النزيف الاجتماعي، فسنواجه انفجارا حادا في المستقبل، علينا أن نفكّر سريعا في حلحلة الأزمة السياسية للانطلاق إلى التكفل بالانشغالات الاجتماعية للتونسيين.