السيد عطاف يعرب عن استعداد الجزائر "الكامل" للوقوف إلى جانب سوريا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخها    الدراجات/ طواف الجزائر2025/ الجائزة الكبرى لساقية سيدي يوسف: فوز الاريتيري مايكلي ميلكياس بالسرعة النهائية    إطلاق حملة وطنية تحسيسية حول حماية الأطفال من مخاطر الاستعمال السيئ للانترنيت    الصالون الدولي للبناء و الأشغال العمومية و المنشآت البترولية بالجنوب: أزيد من 60 عارضا بورقلة    السيد العرباوي يشرف على مراسم إحياء الذكرى ال67 لأحداث ساقية سيدي يوسف    وزير النقل يعلن عن إجراءات استعجالية و أخرى استدراكية لحل مشكل النقل بولاية البليدة    السكك الحديدية: الانطلاق في مشروع الخط الجزائر-تمنراست السنة الجارية    معسكر: تأكيد على أن دولة الأمير عبد القادر كرست القيم الإنسانية و الحضارية    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 48181 شهيدا و111638 مصابا    جامعة قسنطينة 3 تفتك ميدالية ذهبية في المؤتمر الدولي للأمن الغذائي بقطر    كأس الجزائر: إتحاد الجزائر و أولمبي أقبو في أحسن رواق لبلوغ ثمن النهائي    "جرائم حرب فرنسا في الجزائر, 1830- 1847" , إصدار جديد لكريمة آيت دحمان    قوات الاحتلال الصهيوني تقتحم مدنا وبلدات في الضفة الغربية وتطبق الحصار على طمون والفارعة    79 دولة تؤكد دعمها لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية    وزير الصحة يستقبل أعضاء النقابة الجزائرية لشبه الطبي    السوبر في المزاد بين المولودية وبلوزداد    رحلة جديدة باتجاه موريتانيا    مدير جديد لشركة الأملاح    الجزائر تترأس هيئة إفريقية    حيداوي يبرز جهود الدولة    نحو إنجاز 15 مركز امتياز متخصصة    مئات آلاف النازحين في مواجهة الموت بردا    صالون دولي بالجزائر للحديد والصلب    توفير إطار معيشي ملائم من أولويات الرئيس    صيدال بصدد إنتاج المادة الأولية لعلاجات للسرطان    تطابق في الرؤى حول القضية الفلسطينية    الجزائر والهند نموذج للنهضة والتقدم في مختلف المجالات    قانون جديد لتنظيم نشاط الترقية العقارية قريبا    تكثيف المشاورات وتوحيد المواقف والرؤى    الجزائر ترفض مخططات إفراغ غزّة من سكانها الأصليين    حج 2025.. بآليات تنظيمية ورقمية متطورة    الجزائر تدعو إلى ضبط النّفس ووقف التصعيد    تدابير قانون المالية تهدف لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار    الإطاحة بمحترفي السرقة    الجزائر جاهزة لاحتضان أول نسخة من الألعاب المدرسية    أنصار "السياسي" مستاؤون لتقاعس الإدارة    تكريم "نورية" إعتراف بدورها في سطوع المرأة الجزائرية على الخشبة    الرواية البصرية تصنع الهويات    ترجي مستغانم ووفاق سطيف أول المتأهلين لربع النهائي    مشروع مركز جديد للدفع والمراقبة    سارق هواتف مطلوب لدى 6 مصالح أمنية    حجز 2.5 كيلوغرام "كيف" و1050 قرص مهلوس    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    الفريق أول شنقريحة يزور حوض بناء السفن " ڨوا شيبيار ليميتد" في ثاني يوم من زيارته إلى الهند    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها من طرف وزارة الصحة    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا خصصت 12 مليون فرنك لمن يدلي بمعلومة للقبض علينا
الحلقة الثانية... أحمد مهساس يروي ل''الخبر'' قصة هروبه من السجن مع بن بلة
نشر في الخبر يوم 19 - 02 - 2013

هربت وبن بلة من سجن البليدة في عيد ميلاد مصالي الحاج
تحدث المجاهد أحمد مهساس، في الحلقة السابقة، عن تأسيس لجنة شباب بلكور بقيادة محمد بلوزداد، بعد الحرب العالمية الثانية، والصراع الذي كان قائما بين الشباب الأعضاء في حزب الشعب وبين قيادة الحزب، ويوضح مهساس كيف تمكن شباب الحزب من إقناع أعضاء اللجنة المركزية، بتشكيل تنظيم
شبه مسلح يدعى ''المنظمة الخاصة''، وفي هذه الحلقة يروي المجاهد مهساس تفاصيل الفرار
التاريخي من سجن البليدة رفقة الرئيس الراحل أحمد بن بلة، تابعوا...
كانت قصة فرارك مع أحمد بن بلة من سجن البليدة في 1952، من أشهر العمليات التي أحرجت الاستعمار الفرنسي قبل اندلاع الثورة، كيف جاءتكم الفكرة ؟
بعد انكشاف المنظمة الخاصة (الجناح شبه العسكري لحزب الشعب) في 1950، واعتقال الكثير من ضباطها، وكنت من بينهم إلى جانب أحمد بن بلة (آخر قائد للمنظمة الخاصة) تمت محاكمتنا، فحكم على بن بلة بثماني سنوات سجنا، خاصة بسبب مشاركته في عملية ''بريد وهران''، بينما حكم عليّ بخمس سنوات سجنا، بتهمة تهديد أمن الدولة الفرنسية، فطلبنا من الأمين العام للحزب (حركة انتصار الحريات الديمقراطية) حسين لحول، وكذا من أحمد بودة أحد قيادات الحزب، مساعدتنا على الهروب من السجن فرفضا ذلك، وطلبا منا أن ننتظر حتى يقوم الحزب بتهريبنا من السجن، فخشينا أن يكون الحزب قد تراجع عن فكرة الكفاح المسلح ويريد حل المنظمة السرية، خاصة وأننا عارضنا حلها، وبعد ذلك سمعنا أنه تم إلغاء المنظمة الخاصة، وضم جنودها إلى الحزب الأم كمناضلين.
لماذا أصر قادة حركة انتصار الحريات الديمقراطية، على حل المنظمة الخاصة التي كان من المفروض أن تكون نواة الثورة؟
انكشاف المنظمة الخاصة وعلاقتها بالحزب، جعل قيادة الحزب تخشى أن يتم حل الواجهة السياسية لحزب الشعب، والمتمثلة في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، والتي كانت تنشط بشكل رسمي وعلني، لذلك فضل الحزب التضحية بالمنظمة الخاصة بدل التضحية بحركة انتصار الحريات الديمقراطية.
كيف شرعتم في التخطيط للهروب من سجن البليدة؟
لم يكن من منفذ داخل ذلك السجن سوى نافذة الزنزانة، المشكّلة من قضبان حديدية صلبة، والزنزانة التي كنا متواجدين بها مع 56 معتقلا، وتسع القاعة لنحو 200 معتقل، وبوابتها عبارة عن قضبان حديدية تسمح للحراس بمراقبة المساجين السياسيين من بعيد حتى وهم نائمون، كما أن هناك دوريات راجلة تجوب محيط السجن خارج الزنزانة، لذلك كنا نراقب مرور الدوريات بدقة، ونقوم بحركات رياضية ونلعب كرة القدم للحفاظ على لياقتنا البدنية حتى تسعفنا أثناء عملية الهروب، وحتى إذا تجاوزنا كل هذه العوائق كان يفصلنا جدارين عن الحرية، الأول علوه لا يتجاوز 2 متر، أما الجدار الخارجي فهو الأصعب لأن طوله كان يبلغ نحو 6 أمتار، لذلك كنا بحاجة إلى شيئين، الأول منشار لقطع الحديد والثاني حبل لتجاوز الجدارين الداخلي والخارجي، أما بالنسبة للحبل فقطعنا الأغطية إلى أشرطة ثم فتلناها مع بعضها بشكل غليظ ومتين، وربطناها مع بعضها البعض حتى يصل طولها ضعف طول السور الخارجي (6 أمتار).
ماذا عن المنشار؟
ادعيت أنّ سني تؤلمني، فأخذوني إلى طبيب الأسنان خارج السجن تحت الحراسة، وكنت قد اتفقت مع مناضل يدعى الصافي بوديسة بأن يحضر لي منشارا صغيرا، في مكان وزمان محددين، وذلك عندما تم اعتقال بوديسة أثناء مظاهرة شارك فيها مع العديد من المناضلين، الذين كانوا يأتون من مختلف أنحاء البلاد أثناء محاكمتنا للمطالبة بإطلاق سراحنا، وفي كل مرّة كان يتم اعتقال البعض منهم لمدة أيام ثم يطلق سراحهم، حيث وضع بوديسة في نفس الزنزانة التي كنت متواجدا فيها مع بن بلة وقيادات أخرى من المنظمة الخاصة، واتفقنا معه أن يحضر لنا المنشار إلى عيادة طبيب الأسنان، وعندما خرجت من هناك توجهت إلى المرحاض حتى لا يرافقني الحراس، ولما خرجت سلّمني بوديسة المنشار الصغير، فوضعته داخل حزام سروالي، وكنت قد فتحت فيه شقا في السجن حتى لا يمكن اكتشافه أثناء عودتي، ولم أكن أفضل إخفاءه داخل الخبز.
متى بدأتم تنفيذ الخطة؟
اخترنا يوم عيد ميلاد مصالي الحاج (زعيم حزب الشعب الجزائري) في 16 مارس، حيث اعتاد المناضلون في كل عام تنظيم احتفالات وأناشيد ورقص في جميع السجون الاستعمارية، ويحدث خلال هذه الاحتفالات ضجيج كبير كنا بحاجة إليه حتى لا يسمع الحراس صوت نشر الحديد، لأنه كان لدينا وقت محدد لقطع القضبان الحديدية لنافذة الزنزانة، بعد مرور الدورية الأولى وقبل قدوم الدورية الثانية، خاصة وأن الحراس كانوا يتفقدون يوميا القضبان الحديدية للنافذة، للتأكد بأنه لا توجد أي محاولة لقطعها، لذلك استعنّا ببعض المناضلين الذين كانوا معنا في السجن في العملية، والذين كتموا السر وشاركوا جميعا في عملية الهروب، كل بطريقته الخاصة، ورغم أن يوسفي امحمد ومحجوب كانا مسؤولين كبيرين في المنظمة، إلا أنهما فضلا عدم الهروب معنا واستكمال سنتين أو ثلاثة داخل السجن، والخروج بشكل طبيعي.
صف لنا لحظات خروجكما من نافذة الزنزانة؟
خرج بن بلة أولا من نافذة السجن، بعد قطع قضبان الحديد في مدة محددة، (ساعتان حسب رواية الرئيس أحمد بن بلة)، ثم خرجت ثانيا، وإحساس بالقوة الكبيرة يخالجه خوف من عدم نجاح العملية، وجرينا بسرعة باتجاه الحائط الأول، لأنه لم يكن لدينا الكثير من الوقت، فموعد الدورية الثانية كان قد اقترب، وكان بن بلة يحمل على كتفه الحبل، فحملته على كتفي حتى يصعد فوق الحائط الأول، ولكنه شك بأن السور فيه خيط مكهرب وخشي أي يصعق إن لمسه، فقال لي: ''هناك كهرباء''، فقلت له: ''امشي جهة اليمين''، فمشى فوق السور إلى أن وصل إلى مكان بدا لنا آمنا، ثم صعدت فوق السور الذي لم يكن مرتفعا كثيرا، حوالي مترين بينما طولي 76,1 مترا، خاصة وأننا كنا مدربين مثل الكمندوس، إلا أن وعينا السياسي كان أفضل، بعدها جرينا في الممر بين السورين للوصول إلى مكان محدد، كنا قد اتفقنا على الالتقاء فيه مع أربعة رجال من البليدة أحدهم يسمى مصطفى سيد يخلف (أعدمته فرنسا بالمقصلة في 1957)، كانوا بانتظارنا خلف السور الخارجي، ولم نصل إلى المكان المحدد إلا وقد كنا قد أرهقنا من التعب.
وكيف تجاوزتم السور العالي؟
كان علينا رمي الحبل الثقيل ما وراء السور العالي، ولم يكن هذا بالأمر السهل، ولكن بن بلة نجح من أول رمية، حيث قذفه بقوة فتدلى الحبل من الجهة الأخرى للسور، وبمجرد أن أمسك رجال البليدة بالحبل وهزوه كان ذلك إشارة إلى أنهم في الموعد، وصعد بن بلة أولا، ثم جاء دوري وتسلقت ثلاثة أرباع السور لكن خارت قواي ونزلت، ثم حاولت مرة ثانية لكني أخفقت، وفي المحاولة الثالثة استجمعت كل ما تبقى لي من جهد، وكنت مصمما على الوصول إلى أعلى السور وصعدت بسرعة ونجحت هذه المرة، ثم قفزنا إلى أسفل السور، وأول ما خطر على بالي بعد أن أصبحنا خارج السجن مطاردة الشرطة الفرنسية لنا بالكلاب البوليسية بعد اكتشافها عملية فرارنا من السجن، وفرحة مناضلينا بنجاح هذه العملية، وكذلك كنا نخشى معارضة قيادة الحزب لهذا الفرار وردة فعلهم حياله.
أين اختبأتما بعد فراركما من السجن؟
ركبنا في سيارة كانت مركونة في مكان غير بعيد عن السجن، ولم نشاهد أي أشخاص في المكان خاصة أن الوقت كان ليلا، وتوجهنا إلى منطقة معزولة في جبال الشريعة لدى أحد المناضلين الأربعة الذين هرّبونا من السجن، واختبأنا في كوخ بالقرب من بيت هذا المناضل الذي كانت له عائلة كبيرة العدد، فطلب منهم، خاصة الأطفال، عدم الاقتراب من الكوخ، في حين كان أكبر همنا حينها كيفية الاتصال بمسؤول دائرة البليدة في الحزب، حتى لا يظنوا أننا وضعناهم أمام الأمر الواقع.
وكيف كانت ردة فعل الشرطة الفرنسية بعد أن اكتشفت فراركما من السجن؟
كانت ضربة قوية للفرنسيين لأنهم كانوا يظنون أن الأوضاع في الجزائر متجهة الى الاستقرار، خاصة بعد اكتشافهم وحل المنظمة الخاصة، ونحن كنا مسؤولين في الحزب وقيادات في المنظمة الخاصة، لذلك كان فرارنا من سجن البليدة لديه وقع شديد على الفرنسيين، لذلك شنوا حملات تفتيش حثيثة للوصول إلينا باستعمال الكلاب المدربة ونشر الحواجز الأمنية في كل مكان، ونشر صورنا في الصفحات الأولى للجرائد وتخصيص مكافأة مالية كبيرة بلغت حينها 12 مليون فرنك لمن يدلي بأي معلومة تساعد على القبض علينا، وبقينا نحن في ذلك الكوخ نحو شهرين دون أن تتمكن السلطات الفرنسية من الوصول إلينا، وبعدها هربنا إلى فرنسا واجتمعت مع بوضياف وبن بلة في باريس في 1953، واتفقنا على تفجير الثورة، بحيث يقوم بن بلة بتحضير الثورة من القاهرة، أما أنا فمن فرنسا وبوضياف منسق الثورة من الداخل.
في الحلقة القادمة تقرأون
لولا الليبيين لما تمكّنا من تمرير قطعة سلاح واحدة إلى الجزائر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.