هل نحن أمام حالة مشابهة لمرض الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، في ظل طمأنة الأطباء بأن الجلطة الدماغية التي أصابت الرئيس بوتفليقة ''عابرة'' وليست خطيرة؟ أعتقد أن الوقت حان لمعالجة مشكلة العارض الصحي لرئيس البلاد، سواء كان بوتفليقة أو غير بوتفليقة، فحتى لو عاد الرئيس إلى قصر المرادية، فلن يكون بمقدوره الآن تسيير شؤون البلاد كما كان سابقا. وقد يتساءل البعض: هل دخلت البلاد في أزمة بمرض الرئيس بوتفليقة؟ من الناحية النظرية، فالبلاد لم تدخل في أزمة لأن السلطة ''الفعلية'' ظلت تتوقع وتنتظر تدهور صحة الرئيس في أي لحظة منذ نوفمبر 2005، تاريخ مرضه المفاجئ بقرحة المعدة. لكن سياسيا، بالإمكان القول إن الجزائر تعيش الأزمة منذ الاستقلال، بسبب خيارات السلطة الفعلية في اختيار رؤساء البلاد، فعلى مدار الخمسين سنة الماضية، كان المرض والإقالة أو الانقلاب، الحل الأمثل لتنحية الرئيس. وهنا تكمن الأزمة، وهنا يكمن النقاش، بحيث يفترض أن يتحوّل الصراع السياسي على منصب رئيس الحكومة وليس على منصب رئيس البلاد. وبالمقارنة مع الحالة الفنزويلية ووفاة الرئيس تشافيز، فقد بقي الفنزويليون الذين يحبون رئيسهم حدّ الجنون، ينتظرون لأشهر كي يفيق ويسترجع عافيته، وفي الأسبوع الأخير الذي سبق وفاته وحتى ساعات قليلة قبل رحيله، تواصل الرئيس تشافيز شخصيا مع شعبه عبر صفحته على ''تويتر'' وأخبرهم ''أنه بخير'' من باب الأمل. لكن الآلة السياسية في فنزويلا، كانت قد جهزت على الأقل نائب الرئيس نيكولاس مادورو لخلافة تشافيز، وهو ما حصل فعلا رغم رفض المعارضة. وطبعا هناك قواسم كثيرة تتشابه فيها الجزائر مع فنزويلا، أبرزها أن هذه الدولة البوليفارية تعتمد على مداخيل النفط بنسبة تفوق 80 بالمائة، وعدد سكانها يقارب 30 مليون نسمة، ولديهم فساد مرتبط بالنفط كما في الجزائر. لكن هناك اختلافات كثيرة في التعاطي السياسي مع الأزمات الكبيرة، كمرض الرئيس مثلا: في الجزائر تم التعامل مع مرض بوتفليقة كملف ''أمني'' محظور، لدرجة أن الجزائريين تفاجأوا، ليلة السبت إلى الأحد، عندما سمعوا خبر مرض الرئيس في نشرة الثامنة. وحتى الرئيس بوتفليقة نفسه، لم يكلف نفسه مطلقا مخاطبة الجزائريين بشأن مرضه، ولو من باب طلب الدعاء. وفي هذا المستوى، يتعين على أعضاء لجنة تعديل الدستور أن يهتموا بهذا الموضوع الدقيق، ويجنبوا الجزائر الهزات المرتبطة برحيل الرؤساء، مثلما حدث مع كل من الشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف، ويكاد يحدث مع بوتفليقة شفاه الله. [email protected]