تجددت، مساء أمس، المشادات والمناوشات بين سكان حيي مليكة وثنية المخزن في مدينة غرداية، رغم محاولة قوات التدخل التابعة للشرطة فرض النظام، وتلي هذه المواجهات ليلة مضطربة تخللتها اشتباكات عنيفة بين شباب عدة أحياء، امتدت حتى ساعات الصباح، وأسفرت عن وقوع عشرات الجرحى وسط المحتجين وقوات الأمن وتخريب عدة محلات تجارية. ومنعت قوات الأمن، أمس، مئات المحتجين، من بينهم تجار، من الاقتراب من مقر الولاية للمشاركة في تجمع، بعد أن أضربوا عن العمل وأغلقوا محلاتهم، للمطالبة بتوفير الأمن وفتح تحقيق معمق حول عمليات تخريب مست بعض المحلات التجارية. وتأتي هذه الحركة الاحتجاجية بعد أن عادت أعمال العنف والمطاردات البوليسية وأعمال التخريب بقوة إلى المدينة، ليلة أول أمس، بعد هدوء استمر نحو 20 ساعة، حيث خلفت الاشتباكات عشرين جريحا منهم عدد من رجال الأمن، وخضع عدد من المصابين لعمليات جراحية خفيفة، ووقعت أغلب الإصابات بسبب التراشق بالحجارة والقطع المعدنية. وتطورت الأوضاع إلى حد تعرض محلات تجارية بوسط المدينة للحرق. ولم ينجح تدخل الإدارة لحل المشكل، حيث التقى الوالي بأعيان حيي مليكة وثنية المخزن، ورغم تعهد الأعيان بوقف العنف بين الشباب، إلا أن أحداث ليلة أولى أمس أكدت أنه لا أحد له سلطة على الشارع الذي تحول إلى حلبة عنف بين مجموعات من الشباب الملثمين. وتتضارب الروايات حول سبب العنف الذي اندلع في غرداية، لدرجة يصعب فيها تأكيد أي من الروايات أو نفيها، لكن الأكيد هو أن مشكلة ما يسمى ''مقابر مليكة'' التي أثارت أعمال العنف قبل 9 سنوات، عادت مجددا تحت عنوان جديد هو خلاف حول مقبرة قريبة من تلك التي خصص جزء منها، قبل سنوات، في إطار اتفاق سابق، لإنجاز متوسطة. وتشير بعض المصادر إلى أن سبب اندلاع الأحداث الأخيرة هو إقامة جدار داخل جزء من مقبرة. ويقول مواطنون من حي ثنية المخزن إنها مخصصة لهم، وأنهم يملكون وثائق تؤكد صحة روايتهم، بينما يقول الطرف الثاني إن المقبرة مخصصة لهم ويملكون أيضا ما يثبت ذلك من الأدلة القانونية، وهذا ما يضع السلطات أمام مشكل صعب. وكانت المقابر في قصر مليكة ومحيطه، الذي لا تتعدى مساحته كيلومترات مربعة قليلة، محل نزاع في سنة 2004 بين سكان ثنية المخزن ومليكة، وقد ندد أعيان وأئمة من قصر مليكة بأي تلاعب أو تفسير مذهبي للمشكل، الذي قالوا إنه يبقى مشكلا قانونيا يمكن حله، كما نددوا بتقاعس السلطات الإدارية والقانونية عن حل المشكل المطروح منذ سنوات. وقال أعيان من أحياء ثنية المخزن والحاج مسعود إن أطرافا تريد تغيير الوقائع على الأرض وإشعال الأوضاع في غرداية في كل مرة وطالبوا بالتحقيق، حيث شارك مئات التجار في وسط مدينة غرداية في إضراب احتجاجي، وأعلنوا أن الإضراب يبقى مفتوحا، بعد تعرض محلات للتخريب من طرف مجهولين. وقد طالبوا بالتحقيق وضبط المعتدين وتقديمهم للعدالة وتوفير الأمن للتجار. وقد استقبل والى غرداية، أمس، عددا من الأعيان ورؤساء جمعيات وممثلين عن التجار ومنتخبين، من أجل حل المشكل العالق الذي يهدد السلم الاجتماعي بغرداية. وقررت اللجنة الأمنية الولائية استدعاء تعزيزات أمنية من أجل التعامل بكل حزم وشدة مع مثيري أعمال العنف، كما أمر الوالي بالتحقيق الجنائي حول الطرف الذي أقام الجدار والمتورطين في تخريب محلات تجارية.