القاضي مخاطبا المتهم: ''أجدادكم أنجزوا ما أنجزوا لكنهم أخذوا ما لا تستطيع حصره'' جرت أمام محكمة بئر مراد رايس في العاصمة، أمس، أطوار محاكمة الرعية الفرنسي، مورفيار ايريك، مسيّر شركة ''سيتا'' للتبغ والكبريت، الواقعة بسيدي يحيى بحيدرة في العاصمة، الذي سب وشتم موظفين جزائريين، حيث تلفظ بعبارات ''العرب قذرون''، ''عمل عربي''، ''لحسن الحظ أننا ربيناكم'' و''أنظروا ماذا تركت لكم فرنسا''. تولى الرعية الفرنسي مهمة تسيير الشركة منذ شهر ماي 2012، وكان يتردد عليها منذ 2007 بصفته مديرا جهويا في الشركة الأم بفرنسا، غير أنه ورغم الفترة القصيرة التي تولى فيها مهام تسيير الشركة بالجزائر، كان يسيء معاملة موظفيها الجزائريين خلال الاجتماعات التي يعقدها معهم، وهو ما حزّ في نفس الموظف حياني مهدي الذي أبى إلا أن يتابع الرعية الفرنسي قضائيا، ليتم تحريك شكوى ضده من قبل محاميه زراية خمسي في 14 أكتوبر .2012 غصت قاعة المحكمة بالحضور والمحامين الذين شدت انتباههم تفاصيل هذه القضية ''غير العادية''، باعتبار أنها تمس بكرامة الجزائريين، وبدا القاضي صارما في التعامل معها لحساسيتها، لأنها قضية رأي عام. تقدم المتهم من منصة المحكمة وهو يرتدي لباسا أنيقا ونظارات، وإلى جانبه محام يدافع عنه ومحامية تترجم له ما يقوله له القاضي الذي بادر بأول سؤال للمتهم وهو يقلب أوراق الملف ''أنت اليوم متابع بتهمة السب الموجه إلى شخص بسبب انتمائه إلى مجموعة عرقية أو دينية، ما هي علاقتك بالضحية، وماذا عن الألفاظ التي تلفظت بها؟''، يرد المتهم واثقا من نفسه ''أنكر التهم المنسوبة إلي، وكانت علاقتي مع الشاكي حسنة قبيل إخباره، خلال سبتمبر الماضي، بأن الشركة تريد إنهاء علاقة العمل معه بتاريخ 6 نوفمبر .''2011 يقاطعه القاضي مستطردا ''شتمته وزملاءه في العمل، قلت لهم ''العرب قذرون''، ''عمل عربي''، ''لحسن الحظ أننا ربيناكم'' وغيرها''. وهنا رد المتهم: ''لم أتلفظ بعبارة ''عرب قذرون'' في اجتماع رسمي أو غير رسمي، وقد أكون تلفظت على سبيل المزح بعبارة ''عمل عربي'' و''لحسن الحظ أننا ربيناكم'' مرتين أو ثلاثة ولم يكن القصد الإضرار بالجزائريين أو العاملين معي، فأنا أحترمهم وأقدرهم، وأحترم تقاليد هذا الشعب''. أما الضحية مهدي، فأكد أن المتهم معتاد على إهانة الموظفين، حيث كان يقول لهم ''أنظروا ماذا تركت لكم فرنسا، لا يمكنكم أن تنجزوا ما أنجزته''، العبارتان استوقفتا القاضي الذي قاطعه مخاطبا المتهم باستهزاء ''أجدادكم أنجزوا ما أنجزوا، لكنهم أخذوا ما لا تستطيع حصره''. وكان من بين الشهود في القضية، 7 موظفين تباينت تصريحاتهم، فمنهم من أكد أن الفرنسي كان يتلفظ بهذه العبارات خلال الاجتماع، في حين قال آخرون إنه كان يمزح. أما دفاع الضحية، فطالب برحيل المتهم ونشر الحكم في جميع الجرائد الوطنية، بينما رافع دفاع الرعية على أساس أن نية الإضرار غير متوفرة، ''وإن كان عنصريا لن يختار الجزائر للعمل فيها''، ليسدل الستار على المحاكمة بالتماس وكيل الجمهورية عقوبة عام حبسا نافذا وغرامة 100 ألف دينار، مع تأجيل الحكم لتاريخ 21 ماي المقبل.