هناك دعم مالي خليجي للتيار السلفي المتشدد يسعى لخلق الفوضى يرى المحلل السياسي التونسي والمختص في الجماعات المسلحة في شمال إفريقيا، جمال العرفاوي، أن تونس لا تتوفر على مؤهلات لتكون دولة انطلاق للإرهاب في المنطقة، على عكس ليبيا التي تعيش حالة من الانفلات الأمني الخطير، معتبرا في اتصال مع ''الخبر'' أن السلطات التونسية لم تكن حازمة في تصديها للخطاب المتطرف، كما أشار إلى وجود أطراف خارجية تسعى لإشاعة الفوضى. هل تعتقدون أن تواجد الجماعات السلفية الجهادية في تونس تهديد حقيقي، بمعنى أنها مهيكلة ولها خطة طريق وأهداف، أم أنها مجرد جماعات تنتهز فرصة المرحلة الانتقالية؟ في الواقع الجماعات الجهادية أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لتونس، ليس فقط على الوضع الأمني وإنما الاقتصادي وحتى على مسار العملية السياسية، وهي بالفعل تهديد فعلي وجاد على تونس، بدليل أن وزارة الداخلية كانت أعلنت بتاريخ 21 ديسمبر من السنة الماضية عن جماعة إرهابية من تنظيمات السلفية الجهادية ويتعلق الأمر بجماعة عقبة بن نافع، لكن للأسف مضت كل هذه الفترة دون أن تتخذ السلطات ما يلزم من تدابير وإجراءات للتصدي لهذه الجماعات. هل هذا يعني أن تونس تحولت من دولة عبور إلى دولة انطلاق للعمليات الإرهابية في شمال إفريقيا؟ في اعتقادي من السابق لأوانه إصدار مثل هذه الأحكام أو الاستنتاجات، إذ يُفترض انتظار انتهاء التحقيقات للحصول على المزيد من المعلومات ومعرفة مخططات ودوافع المنتمين لهذه الجماعات، لكن مع ذلك ما يمكن قوله مبدئيا أنه من الصعب تصور تونس تتحول إلى دولة انطلاق للإرهاب في المنطقة، على اعتبار أن الجماعات الإرهابية تتحرك في دول منهارة أمنيا وتونس لم تصل هذه المرحلة من الانفلات الأمني، وفي هذا المقام لا بد من التأكيد على أن التعاون الأمني التونسي الجزائري لن يسمح بحدوث مثل هذا الأمر، لأن التنسيق على مستوى عال ومستمر، ويكفي أن ندرك أن هناك اجتماعات يومية تتم على الحدود بين الطرف الجزائري والتونسي لتبادل المعلومات والإطلاع على آخر المستجدات، وهو الأمر الذي يصعب مهمة الجماعات الإرهابية. انطلاقا من هذه المعطيات أعتقد أن تونس ستظل دولة عبور، على عكس ليبيا مثلا التي تعاني من تدهور أمني خطير، بالإضافة إلى توفر اللوجيستية اللازمة لنشاط هذه الجماعات، وما يحدث اليوم من انتشار السلاح ومحاصرة مقرات عمومية يؤكد أن خطر تحول ليبيا إلى دولة ينطلق منها الإرهاب في منطقة شمال إفريقيا قائم. المعارضة التونسية تلقي باللوم على الحكومة والسلطة التونسية في تونس عموما في انتشار الحركات السلفية التي يرى الكثيرون أنها المغذي الرئيسي للجماعات الجهادية؟ من وجهة نظر شخصية الحكومة والمؤسسات الأمنية تساهلت مع التيار السلفي، وكما سبق وقلت مرت فترة على كشف الداخلية على وجود جماعة عقبة بن نافع الإرهابية، لكن مع ذلك لم نسمع عن تدابير وإجراءات ردعية للحد من الخطاب المتطرف، وبينما نجد الأمين العام لحركة النهضة، راشد الغنوشي، يدين الإرهاب ويؤكد على أنه لا جهاد في تونس وأن الجهاد الوحيد المقبول في فلسطين، نجده في الجهة المقابلة يطلق تصريحات تشيد بالتيار السلفي المتشدد ويعتبره مؤشر خير. هناك من يتهم أطرافا خارجية في تدهور الوضع الأمني في تونس ودعم الجماعات السلفية بما فيها الجهادية، ما حقيقة ذلك؟ من يعيش في تونس يدرك أن هناك تدفقا مهولا للأموال القادمة من دول الخليج، وهي تسعى لتعميق الفوضى في محاولة لتبيان للرأي العام في دولها أن السعي وراء التغيير لن يجلب إلا الدمار، وبالتالي تحافظ على الوضع القائم في دولها. في وجود الدعم المالي، هل تعتقدون أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من العمليات الإرهابية؟ الملاحظ اليوم في العاصمة تونس، أن الأمن يكثف من عمليات التفتيش والحواجز الأمنية، ما يوحي بتوفر معلومات لديهم بتحرك متوقع لهذه الجماعات، وفي المقابل يمكن القول إن الجماعات الجهادية في تونس في مرحلة بدائية بدليل استعمالها لمواد تفجيرية بسيطة من قبيل أنواع من الأسمدة الفلاحية التي كانت مقننة في وقت النظام السابق، إذ لم يتم حجز مواد متفجرة من نوع ''تي أن تي'' وهي عادة مواد تشير إلى أن الجماعات في مرحلة متقدمة من العمل الإرهابي.