ذكر الكاتب والصحفي الفرنسي هيرفي بورج، أن القنوات التلفزيونية الفرنسية غرقت في السنوات الأخيرة في الشعبوية. وأوضح أنه أصبح يخشى على وسائل الإعلام من تدخل سلطة المال، بعد أن تراجعت تدخلات السياسي. يرى هيرفي بورج، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للسمعي البصري الفرنسي، أن وسائل الإعلام الفرنسية، بدأت تعرف السنوات الأخيرة عددا من الانحرافات، بحيث أصبح يطغى عليها التركيز على المذهل، وتعويضه في اليوم الموالي بما هو أكثر ذهولا وإثارة، وذلك ''طابع تتقاسمه كل القنوات التلفزيونية الفرنسية''. وقال بورج في محاضرة ألقاها أمس، بالمدرسة الوطنية العليا لعلوم الإعلام والاتصال، أن منح القنوات التلفزيونية الفرنسية استقلالية عن السلطة السياسية تأخر كثيرا، مقارنة بالحرية التي ميزت الصحافة المكتوبة، ولم يبرز إلا مع مجيء الاشتراكيين إلى الحكم، وصعود الرئيس فرانسوا متيران سنة 1982، الذي أصدر قانون 1982، منح من خلاله هامشا كبيرا من الحرية، وأحدث فصلا واضحا بين القنوات التلفزيونية والسلطة. معتبرا أن مرحلة حكم اليمين تميّزت بالتشدد والمراقبة الشديدة للقنوات التلفزيونية، وبالأخص في عهد الرئيس جيسكار ديستان، الذي أمر بفصل صحفي من منصبه، بمجرد أن تطرّق للعلاقة الموجودة بين ''جواهر الرئيس بوكاسا والرئيس جيسكار''. وحسب بورج، فإن متيران تمكّن من إحداث قطيعة مع الممارسات المعادية للديمقراطية، التي كانت رائجة خلال مرحلة حكم اليمين. وتحدّث هيرفي بورج، الذي شغل منصب رئيس المجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا، عن دور سلطة الضبط في ''ضمان حرية أكثر لوسائل الإعلام وإحداث مزيد من التحرر والحرية والتجديد الافتتاحي والمهنية''. موضحا أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، لم يضمن استقلالية وسائل الإعلام في فرنسا لما تدخل شخصيا لتعيين مدراء بعض القنوات التلفزيونية، بينما يؤكد قانون 1982 الذي صدر في عهد متيران، بأن مدراء القنوات التلفزيونية يتم تعيينهم من قبل المجلس الأعلى للسمعي البصري، بينما لا يعيّن رئيس الجمهورية سوى رئيس المجلس، الذي يحتفظ حسبه باستقلالية تجعل حقل الإعلام خاضعا لمعايير حرية الإعلام. يذكر أن هرفي بورج من الصحافيين الفرنسيين الذين ساندوا القضية الجزائرية، ووقف إلى جانب الشعب الجزائري خلال حرب التحرير، وكان من بين الصحافيين الذين كشفوا التعذيب الذي مارسه الجيش الفرنسي على الفدائيين، عندما كان صحفيا متعاونا بجريدة ''تيموانياج كريتيان'' ذات التوجه المعادي للاستعمار. وعينّ بعد الاستقلال مستشارا للرئيس أحمد بن بلة. ويعرض بورج مساء اليوم على الساعة السادسة مساء، بالمعهد الفرنسي بالجزائر، فيلمه الوثائقي ''ماذا يعني الاستقلال بالنسبة للجزائريين؟''.