دعا الإعلامي، ايرفي بورج، إلى تحرير الإعلام السمعي البصري وتنظيمه عبر هيئات متخصصة على غرار سلطة ضبط خاصة تكون بمثابة المرافق لمؤسسات الإعلام الجديدة وليست مراقبة لها، مضيفا أن المفهوم الحديث للضبط هو قطع الحبل السري بين الفاعلين في الإعلام والاتصال والسلطات العمومية التي كانت لسنوات طوال الراعي السامي لوسائل الإعلام، وكانت تتدخل بشكل مقصود خاصة عندما يتعلق الأمر بالإعلام الثقيل (السمعي البصري) من أجل توجيهه لصالح النظام. ويرى المحاضر أن المفهوم الجديد للضبط لا يعني التدخل المقصود والعمدي للسلطات العمومية في قطاع الإعلام من أجل توجيهه أو قيادة تصرفات الفاعلين في نظام الاتصال السمعي البصري بطريقة تجعلهم يشاركون في استمرارية النظام، بل هو مرافقة النظام لهذا القطاع الحساس وتنظيمه دون تدخل أو تأثير بشكل يؤدي إلى تراجع الحريات وكبحها، كما أن إنشاء مثل هذه الهيئات الجديدة في مجال الاتصال السمعي البصري يجب أن يأتي بحلول جديدة وليس بحلة جديدة لمفهوم الكبح. واعتبر السيد ايرفي بورج، خلال محاضرة قدمها، أمس، بمعهد الإعلام والاتصال بالجزائر، موضوع ضبط قطاع السمعي البصري الذي هو فكرة جديدة في العديد من البلدان، شكلا حديثا من أشكال تدخل الدولة حتى في البلدان المتطورة، وأوضح الرئيس السابق للمجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا "أن الضبط شكل جديد من أشكال تدخل الدولة والوسيط بين السلطات العمومية والمتعاملين والجمهور الواسع، مضيفا أن الضبط يتلخص في أربع كلمات متفق عليها وهي الوساطة، التشاور، التكيف والاستقلالية. وأوضح المحاضر، وهو خريج المدرسة العليا للصحافة بليل (فرنسا)، أن هذه الأخيرة وعلى الرغم من كل ما تتمتع به من حرية في التعبير والممارسة الديمقراطية إلا أن تجربتها مع ضبط قطاع الإعلام السمعي البصري تعد جد حديثة وقد انطلقت سنة 1982 عندما أصدر الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران قانونا ينظم الإعلام ليعلن لأول مرة القطيعة أو الطلاق بين السلطة والإعلام وبالتالي إنهاء احتكار الدولة للإعلام السمعي البصري. وفي معرض تطرقه للتجربة الفرنسية، حيث يقوم المجلس الأعلى للسمعي البصري بضبط عمل وسائل الإعلام منذ 23 سنة، أوضح السيد ايرفي بورج أن أحد أهم العناصر المكونة لعملية الضبط في فرنسا "تتمثل في قطع الصلة بين التلفزيون العمومي والحكومة، إلا أن هذا المبدأ يعرف تراجعا بما أن القانون حول حرية الاتصال الصادر في مارس 2009 قد حرم المجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا من سلطة تعيين مسيري القنوات العمومية الذي أصبح اليوم من صلاحية رئيس الجمهورية خاصة خلال حكم الرئيس ساركوزي الذي قام بتعيين مسيري عدد من القنوات بشكل انفرادي. وبخصوص الجزائر، دعا السيد بورج إلى "تحرير المبادرة وفتح الطريق أمام النشاطات المولدة للثروات ومناصب الشغل وإعطاء دفع جديد لديناميكية القطاعات المبتكرة، مشيرا إلى أن بروز العديد من القنوات التلفزيونية الجديدة قبل صدور قانون الإعلام السمعي البصري خطوة مشجعة تعكس مدى الانفتاح الحاصل والنية الحسنة التي انتهجتها السلطات إزاء هذا القطاع الذي يعرف تقدما كبيرا.