الجميل في دبي ليس البنايات والحكومة الالكترونية والتجارة الرائجة فقط، بل الجميل أيضا هو الملتقيات العلمية والفكرية التي يعقدها المتخصصون من شتى أنحاء العالم لدراسة أمهات المشاكل المطروحة في التجارة والصناعة والسياحة والثقافة والإعلام. دبي تعيش أزمة لغوية حادة ناجمة عن خليط الوافدين من العمالة الآسيوية والعربية وأصبح هذا الخليط يشكل الأغلبية اللغوية في البلاد. لهذا عقدت دبي ملتقى حول اللغة العربية، حضره المتخصصون لدراسة المشكلة اللغوية في الوطن العربي ومدى استبداد الانجليزية والفرنسية والعامية باللغة العربية. دبي لا تخاف من طرح مشاكلها الحديثة المتصلة بالتطور والنمو السريع، فتشرحها مع المتخصصين، فالأنترنيت الذي ساهم في انتشار الانجليزية على نطاق واسع، ساهم أيضا في تحسين مستوى العربية لدى الناشئة، فأصبح الشباب الذي يغرّد على ''تويتر'' يستخدم 140 حرف فقط للتعبير عن فكرة بالكتابة، وهذا ما أثرى لدى الشباب ملكة القراءة والكتابة. كبار الشعراء العرب مثل درويش ونزار قباني كانوا يستخدمون في كل أشعارهم أقل من 5 في المائة من مفردات لسان العرب، ولا تستخدم الأمة العربية مجتمعة أقل من 10 في المائة من لسان العرب والباقي صار عجما بحتا. المسلسلات المصرية العامية أقبرت اللغة العربية خلال فترة الستينيات والسبعينيات، وجاءت المسلسلات المكسيكية لتعطي دفعة قوية للغة الفصحى، لكن المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية أعادت الأمور إلى سابق عهدها. في الخليج العربي يعيش المجتمع حالة خلط بين العربية والانجليزية، مما أدى إلى إحداث مجزرة في اللغتين وأحدث لغة ثالثة هجينة، لا هي إنجليزية ولا هي عربية على طريقة المجزرة التي حدثت للعربية والعامية في شمال إفريقيا مع اللغة الفرنسية. بعض الخبراء عادوا إلى الحديث عن صعوبة النحو العربي وضرورة تبسيطه لأن حكاية ''ضرب زيد عمر'' ما تزال قائمة منذ عهد سيباويه واقترح بعضهم، مثلا، حذف المثنى لتبسيط الأمور ومعنى ذلك أن سورة الرحمان في القرآن الكريم ستحرّف أو لا نستطيع قراءتها. بعضهم يريد تطوير لغة جديدة تسمى لغة العلم والحياة وترك اللغة الكلاسيكية العربية لغة الشعر والمساجد، مثل لغة الأقباط في مصر، حيث لا يغرّد بها إلا في الكنائس. لكن بعض المستنيرين في موضوع اللغة يرون أن انفتاح العربية على اللغات الأخرى لا يؤثر عليها، لأن القرآن الكريم نفسه، وهو دستور العربية وحافظها، قد جاء منفتحا على اللغات الأخرى واحتوى مفردات من لغات أخرى مثل الفارسية والحبشية مثل سندس واستبرق وسجيل. العربية الآن عندها أكثر من 20 معجما في شتى العلوم والتقنيات الحديثة وقد استوعبت كل ذلك بالنرجسية دون مشاكل. وبقي فقط أن تستخدم هذه المصطلحات في الحياة اليومية، وأكبر خدمة أن نستخدم هذه المصطلحات في الحياة اليومية. الانترنيت والإعلام قدّما خدمات جليلة للعربية.. وتطوّر العربية في الاستعمال في عصر الأنترنيت غير مسبوق، ومع ذلك، فإن دبي كحاضرة من حواضر العرب التي تعاني قلقا لغويا لا تتورع في أعمال شرح المتخصصين في هذا الشأن لتشريح القضية.