البحث عن الاسترخاء والتخلص من ضغط العمل اليومي ولو بنصف الراتب أمام ازدحام يومياتهن بفعل العمل خارج البيت واستغراق رحلة الذهاب والإياب وقتا طويلا خلف مقود السيارة، لا تجد غالبية الجزائريات العاملات من وسيلة للتخلص من الإرهاق والضغط سوى قصد مراكز اختصت في التدليك واسترجاع اللياقة، ولا يترددن في إنفاق أكثر من ربع رواتبهن في سبيل الحصول على الشعور بالراحة. بات هذا النوع من المراكز قبلة مفضلة للمئات من الموظفات والعاملات، اللواتي يخصصن عطلة نهاية الأسبوع لقضائها بين أنامل متخصصات في التدليك الطبي وممارسة طقوس الاسترجاع البدني واللياقي. وللاستقصاء عن ما يمكن أن نسمّيه بظاهرة تتمدد في صمت وسط مجتمع النساء العاملات، ساقنا الفضول إلى تحسس سبب الإقبال الذي باتت تحظى به مراكز إعادة الاسترخاء وإعادة اللياقة إلى استطلاع آراء عدد من الفتيات، فكان رد ''سهام'' الإطار بأحد الشركات متعددة الجنسيات أنها تعمل كثيرا طوال الأسبوع، وأن عملها كمديرة للموارد البشرية يتطلب منها تركيزا وجهدا متواصلين طيلة أيام الأسبوع. مضيفة أنها مستعدة لدفع نصف راتبها لكي تحظى بنهاية أسبوع مريحة وتقول: ''وقد وجدت في مثل هذا النوع من المراكز غايتي خاصة وأن التكفل بي وبكل زائراته يتم بمجرد أن تطأ قدماك المركز''. وتقاسمها الرأي ''وردة'' مسيّرة صيدلية بالعاصمة. مشيرة أنها تخصص كل يوم سبت لراحتها الشخصية، حيث تقصد المركز طلبا للاستحمام والتدليك الذي تشعر بعده براحة كبيرة تنسيها ضغط وقلق أيام الأسبوع، مضيفة أنه لا يهمها ما تدفع من مال مقابل ما تحصّله من راحة واسترخاء. وعمّا يقدّم للزبونات، تقول السيدة حموش شهرزاد مسيّرة مركز ''جنان ماكلي'' أنهم يحرصون على ضمان الراحة للزبونات بدليل تخصيصهم لمساحة ألف متر مربع تحوي مختلف مرافق استجمام الزبونات، التي تشمل حماما شخصيا ومسبحا مغطى إلى جانب حوض استحمام ''جاكوزي''. مضيفة أن اعتمادهم على مواد طبيعية مثل ''صابون دزاير'' المصنوع من الأعشاب التقليدية والغسول اللذان يعملان على ترطيب البشرة، إضافة إلى ماء الورد وزيوت الأزهار التي تستعمل في التدليك وتزيل التوتر والقلق زاد من إقبال النسوة والفتيات، كما أشارت إلى الإقبال الكبير من قبل زبوناتها على الصيغة المقاومة للأرق والتي تشمل كلا من الحمام وحوض الاستحمام والجاكوزي، إضافة إلى الصونا التي تكسبهن راحة تامة وتمكّنهن من استعادة نشاطهن. وقد حرصت السيدة حموش على التأكيد أنه إضافة إلى اهتمام فئة من الجزائريات باستعادة لياقتهن من خلال التردد على المركز، يقصدها كذلك رجال من أجل الحجز كي تستفيد نساءهم من تلك الخدمات، حيث يتولون الدفع مسبقا مرددين أنهم يريدون استرجاع زوجاتهم وهن في كامل زينتهن خاصة وأن المركز يحوي قاعة حلاقة. استعادة اللياقة ويظهر أن التردد على مراكز اللياقة لم يعد يعني النساء فقط، بل بات الرجال من طالبي خدمات ذات المراكز وهو ما كشفه السيد علواش عبد الرحمن مدير فندق دار الضياف بوشاوي، الذي يحوي مركزا لإعادة اللياقة جزءا منه مخصص للنساء والجزء الثاني للرجال. مضيفا أن هؤلاء يشكلون 30 بالمائة من زبائن المركز، وأن الخدمات التي يكثر عليها الطلب من طرف زبائننا من الرجال ممثلة في التدليك والاسترخاء، إلى جانب العلاج المضاد للسيلوليت''، وهو ما يفسّر حرص نسبة كبيرة من رجالنا في الحفاظ على ''القدّ الممشوق''. وفي اتصال هاتفي معه، كشف فيصل علوي مسيّر ''كلوب علوي لاستعادة اللياقة'' من بجاية أنه إضافة إلى الرياضيين المداومين على المركز قصد الحفاظ على لياقتهم البدنية، يقصدنا كثير من الرجال من مختلف الأعمار طلبا للاسترخاء، خاصة وأننا نوفّر لهم سلسلة من الخدمات العلاجية مثل الاستمتاع بحمام السباحة والحمام الروماني وكذا التركي، إلى جانب حمام الصونا والتدليك الطبي، وكل ذلك يتم بالاعتماد على أعشاب البحر والطحالب والطين والغاسول، وما يمكّن الرجل من استعادة لياقته البدنية. الشوكولاطة والعسل لإبعاد الأرق والإرهاق وأنت تلج مركز ''مليكة هير بيوتي سبا''، يستقبلك مزيج من الروائح التي تجمع بين عطر ''الفانيليا'' و''القرفة''، ونكهة ''الشوكولاطة''، والتي غالبا ما نتذوّقها في الأطباق المتنوعة، ليختلف الأمر هنا حيث تعتمد ذات المواد في التدليك والتغليف. ويكفي أن نعرف أن تدليك الجسم بزيت الفانيليا ينعش، كما أن اعتماد ماساج بزيوت القرفة يزيل آلام الظهر ويرخي العضلات.. ناهيك عن اعتماد قواقع البحر وشالات الحرير كوسائل للتدليك وهما الطريقتان اللتان استقطبتا اهتمام كثير من زائرات المركز حسب ما وقفنا عليه من شهادات أكدن أن ذات التدليك يعطيهن شعورا بالاسترخاء ويزيل عنهن آلام الظهر. وعن هذه الطريقة، أكدت لنا الآنسة صبرينة تزاموشت مسيّرة المركز والحائزة على ديبلوم في التجميل من انجلترا، أنها تعمّدت التخصص في العلاجات الشرقية التي تتّبع انطلاقا من المغرب وصولا إلى اليابان والتي تعطي الأولوية لكل ما هو طبيعي، بدليل اعتمادها على الشيكولاته والعسل وطين البحر الميت والغسول وكذا الزيوت الأساسية إلى جانب زيت أرغان، لتضيف قائلة ''ميزتنا أننا نعتمد على مساج اليدين فقط ولا نستعين البتة بالآلات''، لتشير أنها لاحظت إقبالا على حمام التغليف بالشيكولاته الذي يستهوي الزبونة وكأنها تريد أن تضرب عصفورين بحجر، تغليف جسدها بالشيكولاته التي يهواها الكبار والصغار، مع ضمان التخلّص من القلق والأرق وهو ما توفّره ذات المادة.