لا تختلف القاعدة بالمغرب الإسلامي عن القاعدة الأم في تصنيف الديار بالعالم، فلها منظور عقدي منفرد ومختلف عن المفاهيم والضوابط الشرعية، التي تحتويها السياسة الشرعية عند النبي عليه الصلاة والسلام وسائر علماء وفقهاء الأمة، فالقاعدة لا تعرف التقسيم الشرعي للأوطان في العالم، من منطلق الدولة الإسلامية وعلاقاتها الدولية. فالقاعدة، في تصنيفها، تنطلق من منظور الجماعة أو العصبة التي لا وطن لها، فهي تتخذ من بعض مساحات النزاع في العالم الإسلامي منطلقا لتقيم فيها قاعدة جهاد، لتنطلق في عملية تطهير العالم من الكفر والطغيان، بحمل لواء نصرة الشريعة وإقامة دار الإسلام على أنقاض دار الكفر والعدوان، وتصنف هذه الدار على أساس دار جهاد، فهي لا تؤمن بتصنيفات العلماء المقررة في السياسة الشرعية، كدار الإسلام ودار الكفر ودار العهد ودار الحرب ودار السلم ودار المواثيق الدولية. القاعدة بالمغرب الإسلامي تؤمن بالجهاد العالمي، وتسعى لإقامة حلف عالمي مع كل التيارات الجهادية في العالم، بغض النظر عن التسميات والمواقع المتواجدة فيها، فهناك جيل جديد يتعقب القاعدة ليخلفها، هو تيار أنصار الشريعة الذي بدأ ينتشر في بعض الأوطان العربية، وبدأ يشكل خطرا قادما خاصة في الدول التي عرفت ما يسمى الربيع العربي، وفي ظل هذه الإستراتيجية تخرج القاعدة بالمغرب الإسلامي لتعلن أن تونس والمغرب تمثل دار دعوة والجزائر دار جهاد، وهذا التصنيف تظهر فيه الغرابة والمخالفة لمعتقدهم ومفهومهم لتقسيم الديار، فهم لا يؤمنون إلا بدار واحدة، وهي دار الكفر فالجهاد فيها فريضة شرعية، ويؤسسون فيها قاعدة لإعلان الجهاد، فلماذا أغفلت القاعدة في تصنيفها ليبيا وموريتانيا، لأنها تريد التركيز على الجزائر لما لها من ثقل في مواجهة القاعدة، فهم لا يريدون فتح جبهات أخرى مع ليبيا وموريتانيا ومهادنة تونس والمغرب بصفتهما دار للدعوة، وهم في خلفيتهم يقصدون دار التعبئة والمساندة والتجنيد، خاصة أن التيار السلفي الجهادي يتوسع ويتشدد، وفي الوقت نفسه هو ناشئ ويسخّر للتجنيد في سوريا، كما كان الحال مع الجزائريين في جهاد الأفغان والبوسنة قبل بداية المأساة الوطنية، ويسخّر للتجنيد في شمال مالي، وتكون هذه المواقع معسكرات التدريب وكسب الخبرات القتالية، ليعودوا، بعدها، لإعلان الجهاد في أوطانهم، وعندها تعلن القاعدة أن تونس صارت دار جهاد. وإفراد الجزائر بدار الجهاد لتحاول القاعدة تجميع طاقاتها من دول الجوار، بتجنيد المجاهدين من تيار السلفية الجهادية أنصار الشريعة، ليبعثوا القاعدة من جديد بنفس جهادي آخر، وحادثة العدوان الذي حصل على تيڤنتورين في عين أمناس "محطة الغاز وقتل الأجانب فيها" خير دليل. فالدعوة في نظر القاعدة هي التعبئة والتجنيد، وتأسيس قواعد خلفية لدعم الجهاد بالرجال والمال والدعاية، فالدار عندهم واحدة لا ثاني لها، وهي دار الكفر والطغيان، الواجب عندهم فيها الجهاد والمقاتلة ونصرة الشريعة بها.