قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ الحياء لا يأتي إلاّ بخير”، يدل هذا الحديث الشّريف على أنّ الحياء خلق فاضل، وقد أخبر عليه الصّلاة والسّلام أنّه شُعبَة من شُعَب الإيمان، فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال: “الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة. فأفضلها قول لا إله إلاّ اللّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعبَة من الإيمان”. روى الترمذي مرفوعًا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “اسْتَحْيُوا منَ اللّه حقّ الحياء”، قالوا: إنّا نستحيي يا رسول اللّه. قال: “ليس ذلكم. ولكن مَن استحيَا من اللّه حقّ الحياء فليحفَظ الرأس وما وَعَى، وليحفظ البطن وما حَوَى، وليَذْكُر الموت والبلى. ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدّنيا، فمَن فعل ذلك فقد استحيَا من اللّه حقّ الحياء”. فقد بيّن صلّى اللّه عليه وسلّم، في هذا الحديث، علامات الحياء من اللّه عزّ وجلّ أنّها تكون بحفظ الجوارح عن معاصي اللّه، وبتذكّر الموت، وتقصير الأمل في الدّنيا، وعدم الانشغال عن الآخرة بمَلاذ الشّهوات والانسياق وراء الدّنيا. وجاء في حديث آخر أنّ: “مَن استحيا منَ اللّه استحيَا اللّه تعالى منه”، وحياء اللّه عزّ وجلّ من عبده حياء كرم وبرّ وجود وجلال، فإنّ اللّه تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردّهما صفرًا، ويستحي أن يعذّب ذا شيبة شابت في الإسلام. وأمّا الحياء الّذي بين العبد وبين النّاس، فهو الّذي يكف العبد عن فعل ما لا يليق به، فيكره أن يطّلع النّاس منه على عيب ومذمة، فيكفه الحياء عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق. فالّذي يستحي من اللّه يجتنب ما نهاه عنه في كلّ حالاته، في حال حضوره مع النّاس، وفي حال غيبته عنهم.