تنظم وزارة الاتصال، غدا الأحد ولمدة يومين، ملتقى وطنيا حول الاتصال المؤسساتي، بمشاركة خبراء ومهنيين، ينتظر أن تعلن فيها الحكومة عن أرضية عمل كان شرع في تجهيزها منذ سنتين، في محاولة لسد العجز القائم في مجال الاتصال، والذي تكرّس خلال حادثة تيڤنتورين ومرض الرئيس بوتفليقة،حيث ظهرت مؤسسات الدولة أنها خارج مجال التغطية. وفق ما أعلنه وزير الاتصال محمد السعيد، في فيفري الماضي، فإن الملتقى حول الاتصال المؤسساتي سيتوّج بوضع خطة لتنظيم هذا النوع من الاتصال إقرارا من الحكومة بالعجز المسجل في المجال، رغم الوعود التي أطلقت منذ سنوات لتحسين تدفق المعلومات على المواطنين والإعلاميين. ويخشى أن تكون الخطة نوعا من ”الترف الفكري”، في غياب إيمان من السلطة بأهمية الاتصال، في ظل الاتهامات الموجهة لها بتعمّد الغموض في إدارة المعلومات أو ممارسة سياسة قطرة قطرة أو الانغلاق على ذاتها في تقديم المعلومات، تاركة الساحة تحت رحمة المصادر العليمة والمتطابقة، وحسنة الاطلاع، أو تحت مسمى ”اكس”، الذي أبدعه صحفيون جزائريون. وتفتقد الحكومة والرئاسة حاليا بمعية أهم المؤسسات الرسمية لمتحدثين باسمها، والاستثناء الوحيد في وزارة الخارجية، رغم التراجع المسجل في السنوات الأخيرة، حيث لم يعد التواصل مع المتحدث باسم الوزارة متاحا إلا عبر البريد الالكتروني، ما حدّ من فاعليته، فيما تفتقد خلايا الاتصال على مستوى الوزارات للصلاحيات، وتتوقف مهمتها عادة في إصدار بيانات أو ردود فعل على ما يكتبه الصحفيون. وتتهم الحكومة من طرف الإعلاميين والمواطنين وأوساط رجال الأعمال، باحتكار المعلومة وحجبها، وتسييرها وفق أجنداتها الخاصة، أو تفضيل القنوات غير الرسمية، لإبلاغ الرأي العام، وتمارس الصمت أو عدم التواصل تماما، مكرسة تقاليد السرية الموروثة عن فترة حرب التحرير والحزب الواحد أو توظيف مبدأ ”ليس كل ما يعرف يقال”. وإلى جانب العجز في مجال الاتصال، تواجه الحكومة عدم الثقة في المعلومات التي تسوّقها، على قلتها، ودفع هذا الوزير الأول عبد المالك سلال إلى إظهار صدمته قبل أيام حين توجّه إلى الصحفيين بسؤال: كيف تصدّقون الآخرين وتكذبوننا”، في تناول مسألة مرض رئيس الجمهورية. ولم تثبت سياسة الاتصال التي اعتمدتها السلطات خلال أزمة الرئيس، عجزها فقط في تقديم أجوبة مقنعة للجزائريين، وخصوصا في غياب الصورة، بل كرّست أيضا بصفة عملية حالة الشغور من خلال تغيب مؤسسة الرئاسة القوية في إدارة المعلومات الخاصة بصحة الرئيس، حيث ترك الأمر إلى البروفيسور بوغربال، قبل أن يُسحب الملف منه، ثم تولته الوزارة الأولى ولم تظهر مؤسسة الرئاسة في المشهد ولم توظف إلا لاحقا، ثم نابت الدولة الفرنسية عن طريق قنواتها الرسمية والإعلامية إدارة سيولة المعلومة بخصوص صحة الرئيس، أمر ما كان يحدث في وجود دولة مؤسسات حقيقية وشرعية، وسياسة اتصال فاعلة وشفافة.