بيليه ومارادونا وبلاتيني وزيدان والآن ميسي ورونالدو، هي أسماء لا نكاد أن ننتهي من سماعها في مباراة إلا وتردّدت في المباراة التي تليها أو في برنامج رياضي، لكن هناك آخرون أطربوا الساحة الفنّية لكرة القدم بفنّياتهم وتسديداتهم وتمريراتهم السّحرية وأهدافهم الحاسمة، لكن ألحانهم الجميلة لم تصلنا، فذهبت طي النسيان وهم أساطير ۥظلموا ربّما بسبب حياتهم الشخصية أو ربّما لأنّهم جاؤوا في زمن كثرت فيه الأساطير أو لاعتبارات أخرى. من بين هذه الأساطير المنسية الظاهرة الهولندية دينيس بيركامب المولود في 10 ماي 1960 بمدينة أمستردام في هولندا، بدأ بيركامب مسيرته الاحترافية مع أجاكس منذ أن كان في سن ال12 عاماً وخاض أولى مبارياته الرسمية تحت قيادة المدرب والأسطورة يوهان كرويف عام 1986. عرف بيركامب بقدرته على الالتفاف حول نفسه واللاعبين والكرة كالمغناطيس بين قدميه، وهو أكثر اللاعبين تطبيقاً للأسلوب السهل الممتنع، فما كان يقوم به لا يبدو صعباً للعيان، لكنّه في الحقيقة مستحيل حتى للاعبين محترفين ما يشبه أسلوب الأسطورة الفرنسية زيد الدين زيدان. لم يأخذ بيركامب حقّه الإعلامي كلاعب على الرغم من مهاراته الفائقة وتمريراته التي لم يشهد لها عالم كرة القدم مثيلاً بسبب مشكلته النفسية مع الطيران، حيث كان يخشى هذا الأسطورة الهولندية ركوب الطائرة والانتقال مع فريقه لخوض المباريات. ويعدّ بيركامب من اللاّعبين القلائل التي اشتهرت أهدافه الأسطورية إعلامياً أكثر منه كلاعب، كهدفه في مرمى نيوكاسل أحد أشهر الأهداف في تاريخ البطولة الإنجليزية إن لم يكن أشهرها والذي لم نعد نشاهد مثيلاً له في يومنا هذا، وهدفه في مونديال 1998 على المنتخب الأرجنتيني. وعرف دينيس بنظره الثاقب، فهو يرى ما لا يراه اللاّعبون وحتى الجمهور وكثيراً ما تدرك وتستوعب سحره فقط بعد الإعادة التلفزيونية، وكان تفكيره يسبق غيره في الملعب بأميال وأميال، فتراه يمرّر من بين اللاعبين ويسجّل أجمل الأهداف تحت ضغط الحارس والمدافعين، ناهيك عن تسديداته بكل الأشكال والأنواع. وعلّق الأسطورة الهولندية الأخرى ماركو فان باستن بعد إحدى مباريات بيركامب، وقال “إن كان غيغز يساوي 20 مليون جنيه استرليني فبيركامب يساوي 100 مليون جنيه استرليني”. وأشاد به مدربه الفرنسي في آرسنال آرسن فينغر في أكثر من مناسبة وقال: “بيركامب لم يلق اهتماما إعلاميا كبيرا، لكنّه جعل مهمّة من يخلفه في الآرسنال شبه مستحيلة”. أما الأسطورة الفرنسية تيري هنري فقال: “إنّه سيبقى أفضل من لعبت إلى جانبه في تاريخي”.. جماهير الآرسنال بدورها لا تستطيع نسيان بيركامب وما زالت تردّد قائلة “لن نفوز بأي بطولة إلا إذا عاد بيركامب”. كذلك الفرنسي باتريك فييرا والذي قال عنه: “إنه يجعل المستحيل سهلاً”، كما أشاد به المدرب الهولندي لويس فان غال وقال “إنّه لاعب من كوكب آخر”.