رغم تخصيص الحكومة النيجيرية لغلاف مالي يقدر ب400 مليون دولار مع بداية السنة الحالية في محاولة لإنعاشه، إلا أن مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري “نيغال” يظل رهين التمويل بالنظر لتكلفته العالية التي قاربت 20 مليار دولار، وهي قيمة لا يمكن أن تضمنها الدولتان الرئيسيتان “الجزائر ونيجيريا” بمفردهما. وفي الوقت الذي أعلنت فيه هيئات دولية متخصصة منها البنك الأوروبي للاستثمار ومجمع “غازبروم” وعدة شركات دولية اهتمامها بالمشروع، ولمحت إلى إمكانية المساهمة في تمويله في سياق ضمان تموين السوق الأوروبية بكميات إضافية من الغاز، إلا أن استفحال الأزمة في أوروبا وتأثيراتها على استهلاك الغاز أثر سلبا في مشروع يستغرق 5 سنوات على الأقل لإنجازه، ولن يكون جاهزا قبل 2017. وبرز هذا الأمر في عدم تجسيد الوعود الأوروبية بإدراج المشروع النيجيري الجزائري ضمن الأولويات، وعدم تمكن الجزائر ونيجيريا من إقناع البلدان الأوروبية بأهمية المساهمة في أحد أهم المشاريع المهيكلة في إفريقيا، والذي يمكنه أن يمول الدول الأوروبية بكميات تتراوح ما بين 20 إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري الذي يمر عبر النيجر ثم الجزائر فإسبانيا. ويضاف إلى ذلك المشكلات التي عرفها مجمع سوناطراك والذي عطل العديد من مشاريعها في الخارج، وهي العوامل التي أدت إلى تأجيل متواصل للمشروع الغازي الضخم الرابط بين نيجيريا والجزائر والمعروف بالأنبوب العابر للصحراء “نيغال” الذي يمتد على طول 4300 كم. وقدّرت قيمة المشروع الذي تمتلك سوناطراك فيه حصة 45% مقابل 45% للشركة البترولية النيجيرية و10% لشركة النيجر، بحوالي20 مليار دولار، كان منتظرا أن توفر الجزائر ونيجيريا بالخصوص جزءا منها، مقابل مساهمة عدد من المنظمات الإقليمية مثل البنك الإفريقي للتنمية والبنك العربي للتنمية، فضلا عن مساهمة شركات دولية أبدت اهتماما مثل “غازبروم” الروسية و “توتال” الفرنسية، إلا أنها لم تجسد وعودها لحد الآن، ما دفع البلدان المعنية إلى الاستناد إلى موارد خاصة، بعد إتمام الدراسات. وباستثناء القرار النيجيري تخصيص غلاف مالي ب400 مليون دولار بداية السنة الحالية وإبداء بوركينافاسو ومالي نيتهما الانضمام إلى المشروع للاستفادة من الطاقة، علما أن مسار الأنبوب المعتمد يمتد من “كالابار” بنيجيريا باتجاه النيجر، ثم إلى الجزائر حيث سيمر أساسا على حاسي الرمل، ليأخذ نفس مسار الأنبوب الجزائري الإسباني عبر بني صاف وألميريا الإسبانية. وإن كانت المفاوضات بين الجزائر وأبوجا لم تنقطع تماما، إلا أن المشكلات التي واجهتها سوناطراك والشركة الوطنية للنفط النيجيرية ووضع نيجيريا أيضا، ساهم في تباطؤ وتيرة تقدم المشروع رغم تأكيدات وزير الطاقة يوسف يوسفي مرارا بأن المشروع لا يزال قائما. للإشارة، فإن المشروع النيجيري الجزائري المعروف تحت تسمية “نيغال”، يعتبر من أهم المشاريع الهيكلية في قطاع الطاقة في إفريقيا، شرع في تجسيده بعد التوقيع على مذكرة تفاهم بين سوناطراك والشركة الوطنية النيجيرية للنفط في جانفي 2002، ثم تطور المشروع مع التوقيع في 2005 مع مجموعة “بانسبان” للقيام بدراسة جدوى وافية، وأعيد تجديد مذكرة التفاهم التي انضمت إليها النيجر في أبوجا سنة 2009، إلا أن التغيرات التي حصلت في الجزائر ونيجيريا أوقفت المشروع، وتم إعادة بعثه في 2011. ويمتد الأنبوب الغازي المرتقب إقامته إلى أكثر من 4128 كم، أكبر جزء منه في الجزائر ب2310 كم، مقابل 1037 كم في نيجيريا، والباقي في النيجر، وتقوم الجزائر بمساعدة النيجر على القيام بالجوانب التقنية والدراسات المتعلقة بالجزء الخاص بها. ولم تنجح الوفود الجزائرية النيجيرية في إقناع العديد من الشركات الدولية، ومنها الروسية والهندية والصينية والأوروبية، بالمساهمة في تجسيد المشروع رغم إبداء مجمع “غازبروم” بالخصوص عن استعداده للمساهمة، خاصة في ظل المنافسة الكبيرة التي تعرفها سوق الغاز والمشاريع الضخمة التي تقوم بها روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى لمد أنابيب الغاز باتجاه أوروبا، منها “ساوث ستريم” و “نورث ستريم” اللذان دخلا الخدمة في 2011 بقدرة أولية تصل 27.5 مليار متر مكعب سنويا ويرتقب بلوغه 55 مليار متر مكعب سنويا.