أظهرت الجماعات الإرهابية عجزا واضحا في مواصلة نهجها في الهجمات الإرهابية، من خلال المواجهة المباشرة مع قوات الأمن، وتبنت خيار تفجير القنابل التقليدية الصنع، في مشاهد تكررت منذ أشهر قليلة واستمرت خلال شهر رمضان الجاري. شهد النصف الأول من شهر رمضان الكريم، استقرارا أمنيا ملحوظا، من حيث توارت العمليات الإرهابية التي درجت القاعدة على ارتكابها خصيصا في هذا الشهر، بينما لجأت الجماعات الإرهابية في بعض الولايات إلى الانسحاب من المواجهة المباشرة مع قوات الأمن الوطني والجيش والدرك، واتبعت أسلوب زرع القنابل في المسالك التي يستخدمها أفراد القوات الأمنية. وتعكس هذه الإستراتيجية الإرهابية، التي تبنّتها الجماعات المنتمية لقاعدة بلاد المغرب الإسلامي، منذ أشهر عديدة، إفلاسا واضحا لمخططاتها، التي كانت مبنية على الهجمات الإرهابية المباشرة، ضد أفراد الجيش والشرطة والدرك، خلال الدوريات التي يقومون بها والحواجز الأمنية والثكنات ومراكز المراقبة. ولوحظ تراجع إلى درجة “شبه انعدام” لهجمات إرهابية بالأسلوب السابق، الذي ينم عن “استعراض قوة” على خلفية امتلاك الإرهابيين لأسلحة متطورة، مكنتها في العديد من المرات من استهداف الوحدات الأمنية، غير أن هذه السنة لم تشهد البلاد عمليات إرهابية لافتة، سوى ما تعلق بالهجوم الإرهابي على الحقل الغازي لتيڤنتورين، الذي خلّف 39 ضحية، مطلع العام الجاري. ويعتبر هذا الهجوم، تقريبا، آخر اعتداء إرهابي شهد مواجهة مباشرة بين قوات الجيش والأمن وبين العناصر الإرهابية، إذا ما تم استثناء الهجوم الإرهابي الذي استهدف، أفريل الماضي، موكب والي المدية إبراهيم مراد والذي قامت به مجموعة إرهابية مكونة من 20 إلى 25 إرهابيا، بمنطقة تابلاط، وخلّف مقتل شرطي وجرح 5 آخرين، بينهم أحد أفراد الحرس البلدي، بينما نجا الوالي من محاولة الاغتيال. ولم يشهد النصف الأول من هذه السنة، تفجيرات انتحارية، كأسلوب درجت عليه القاعدة لتعويض العجز الملحوظ في ولوجها أماكن تمركز هيئات الدولة الحساسة والمراكز الأمنية. ودفعت الضربات الأمنية المستمرة ضد الإرهابيين والقضاء على العديد من رؤوس التنظيم واعتقال آخرين، على مدار العام الفارط وبداية العام الجاري، التنظيم إلى مراجعة إستراتيجيته بما يؤمّن عدم خسارة مزيد من العناصر في مواجهات أمنية، من حيث لجأ إلى أسلوب “تفجير القنابل التقليدية الصنع” تتيح للإرهابيين ربح الوقت للانسحاب قبل وصول قوات الأمن أو الجيش، وبالتالي تفادي تسجيل قتلى وسطهم، مع حرصهم على محاولة إلحاق الإضرار بقوات الأمن. وسجل آخر اعتداء إرهابي، أول أمس، بأسلوب القنابل التقليدية الصنع بقرية السلالة بالقادرية في البويرة، حيث قتل شخصان وأصيب ثالث في انفجار قنبلة تقليدية دفنت في الأرض، قبل أن تنفجر على سيارة ملك للشركة الجهوية للهندسة الريفية المختصة في أشغال الغابات، وهي العملية التي تم إثرها عملية تمشيط للمنطقة التي تشكّل أحد معاقل القاعدة. وشهدت ولاية تيزي وزو، منتصف الشهر الجاري، انفجار قنبلة “تقليدية الصنع” قبل الإفطار على مستوى الطريق الوطني رقم 21 الرابط بين منطقتي ذراع بن خدة وتادميت الواقعتين غرب مدينة تيزي وزو، وزرعت القنبلة التي لم تخلّف أي خسائر، عشية زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال الولاية. لكن القنبلة التي زرعت بمنطقة “الرمامن” بالداموس في تيبازة، الأربعاء الماضي، خلّفت مقتل أربعة جنود وتسببت في إصابات خطيرة لآخرين، في أعنف عملية تشهدها المنطقة منذ خمس سنوات. وبنفس الطريقة، وقبل عملية تيزي وزو بأربعة أيام، قتل المراسل الصحفي أمين تومي ومرافق له إثر انفجار قنبلة تقليدية، زرعتها الجماعات الإرهابية، بمنطقة سيار جنوبي خنشلة، حين كان الضحيتان في رحلة صيد ليلا، علما أن المنطقة فقدت 8 أشخاص ما بين مدني وعسكري خلال السنة الجارية، وأصيب أكثر من 15 بجروح جراء انفجار قنابل تقليدية زرعتها الجماعات الإرهابية بجنوب الولاية للحد من تقدم وحدات الجيش حين قيامها بعمليات تمشيط بالمنطقة.