كيف تقرأ أحداث جبل الشعانبي التي راح ضحيتها تسعة جنود تونسيين؟ هناك أربعة عوامل تصنع الإرهاب في تونس، منها دخول السلاح من ليبيا وارتفاع حدة الخطاب المتطرف لرجال الدين عبر صفحات الانترنت وفي المساجد بكل جرأة يدعون إلى الجهاد، خصوصا في سوريا، وهي دعوات تبتنها العديد من قيادات النهضة كحبيب اللوز الذي قال: “لو كنت شابا لذهبت إلى سوريا للجهاد”. كما سبق وأن أعلنت وزارة الداخلية عن توقيف 4500 شاب تونسي كانوا يخططون للجهاد في سوريا، ولكن الحكومة التونسية تتحاشى الحديث عن موضوع تمويل هؤلاء الشباب ومن يشترى لهم تذاكر السفر، والعامل الثالث هو زيادة حدة التوتر السياسي بعد تفكيك جهاز أمن الدولة الذي يبقى أهم العوامل التي تأثر في المشهد التونسي منذ سقوط نظام بن علي. هل يعني ذلك أنك تؤيد دعوة الجنرال المستقيل رشيد عمار بإنشاء وكالة للاستخبارات وعودة أمن الدولة للقضاء على الإرهاب؟ حل جهاز أمن الدولة المعروف عنه أنه جهاز بوليسي سياسي كان يتابع المثقفين والمعارضة في تونس في عهد بن علي، له تأثير كبير على انتشار الإرهاب في تونس، وكان من المفروض تغيير عقلية هذا الجهاز وليس حله بهذه الطريقة، فما قامت به الحكومة بتسريح 90 كادرا وخبيرا متخصصا في مجال مكافحة الإرهاب في تونس، وهي إطارات أمنية استطاعت الحفاظ على الأمن في تونس، هو إجراء خاطئ ويجب أن تدرك حركة النهضة أن أمن تونس يحتاج إلى الخبراء وليس إلى الولاءات. ورغم أن مشروع الإرهابيين في جبل الشعانبي إسقاط النظام وإقامة إمارة إسلامية، إلا أن حركة النهضة تترك أنصار الشريعة العمل بطريقة علنية في تونس، رغم أنها متورطة في عمليات اغتيال شخصيات سياسية بارزة، ولكن يبدو أن حركة النهضة تتحاشى أن تدخل معهم في صدام، لأنها تحتاجهم في الجولة القادمة من الانتخابات. هل تعتقد أن الحكومة التونسية قادرة على الصمود في ظل هذه التطورات؟ أمام هذه الأزمة السياسية الحادة والمزدوجة، ستسقط الحكومة بلا شك، خصوصا بعد انسحاب 72 نائبا من المجلس التأسيسي ودعوة نقابة الصناعة والتجارة نقابة الشغل لرحيل الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط، وكشف وزير الداخلية عن مخطط الاغتيالات الذي يستهدف الشخصيات السياسية في تونس، ولا أعتقد أن المرزوقي يتأثر كثيرا مقارنة بالحكومة، ففي تونس لا يوجد نظام رئاسي بل نظام شبه برلماني والحكومة التونسية هي من يتحمّل نتيجة الأزمة الأمنية.