روى الطبراني في الأوسط والصغير عن عليّ كرّم الله وجهه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ”إنّ اللهَ فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الّذي يسع فقراءهم، ولَن يجهد الفقراء إذا جاعوا أو عروا إلاّ بما يصنع أغنياؤهم. ألا وإنّ الله يحاسبهم حسابًا شديدًا ويعذّبهم عذابًا أليمًا”. والمراد أنّ الجهد والمشقّة من الجوع والعري لا يصيب الفقراء إلاّ ببخل الأغنياء. إنّ الزّكاة في النّظرة الإسلامية فريضة ودين في أعناق الأغنياء للفئات الضعيفة والمستحقة، وكذلك حقّ معلوم أيّ محدّد النّسبة والمقدار، معلوم عند الّذين تجب عليهم الزّكاة ومعلوم عند الّذين تُصرف لهم الزّكاة. ويقرّر هذه المعادلة قوله تعالى: {وفي أمْوَالِهم حقّ للسّائل والمَحروم} الذاريات:19، وقوله جلّ ذكره في سورة المعارج: {والّذين في أموالِهم حقّ معلوم للسّائل والمَحروم} المعارج:24–25. ولا غرابة في تقرير هذا الحقّ وتحديده، إذا عرفنا حقيقة تملك الإنسان للمال في النّظرية الإسلامية الّتي عرفت بنظرية [الاستخلاف] والّتي يدل عليها قوله تعالى في سورة الحديد، الآية7: {آمنوا بالله ورسوله وأنْفِقوا ممّا جعلَكُم مُسْتَخلفين فيه، فالّذين آمنوا مِنْكُم وأنْفَقُوا لَهُم أجْرٌ كبير} وغيرها من الآيات. فالإنسان ليس هو المالك الحقّ للمال، وإنّما هو أمين عليه من قبل مالكه الأصلي جلّ علاه، فهو سبحانه مالك المال وواهبه وخالقه ورازقه، ومن واجب الإنسان أن يذعن لما يأمر به هذا الخالق الرّزّاق، وما يعينه من حقّ في هذا المال قلّ أو كثر.