من الرابح في الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى؟ كل طرف يقول إنه حقق شيئا من هذه الاتفاقية، فبالنسبة لإيران فقد أبعدت شبح الحرب عنها، وسنرى ماذا سيفعل الكونغرس الأمريكي الذي يوجد فيه الكثير من أصدقاء إسرائيل المتحمسين لفرض مزيد من العقوبات على إيران، لأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن بأنه لن تكون هناك عقوبات على إيران، والأمر الأهم من كل هذا أن هذه الاتفاقية أحدثت انفراجا في الملف النووي الإيراني لكن هذه الاتفاقية ليست نهائية. ما هي التنازلات التي قدمتها إيران حتى أقنعت الدول الكبرى بتقليص العقوبات ضدها؟ إيران وعدت بالالتزام بعدم التخصيب إلا ما بين 2.5 إلى 5 بالمئة من اليورانيوم (كانت تخصب ما نسبته 20 بالمئة)، وعدم إنتاج وقود للمفاعل النووي “أراك” الذي ينتج البلوتونيوم، كما لن تنقل الماء الثقيل لهذا المفاعل، وهذا ما كان يقلق الغرب، كما أن مفتشي وكالة الطاقة النووية سيراقبون البرنامج النووي الإيراني بدقة وسيصلون لأجهزة الطرد المركزي التي وعدت طهران بعدم تصميمها، كما سيكون هناك قدرة لمفتشي وكالة الطاقة النووية الوصول إلى مناجم اليورانيوم ومصانع تخصيب اليورانيوم. وماذا تحصل إيران مقابل هذه التنازلات؟ الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدت بأنه لن تكون هناك عقوبات جديدة على إيران لمدة ستة أشهر، فهناك نوع من اختبار الثقة طبعا، وسيتم رفع تعليق تجارة الذهب والمعادن الثمينة، كما سيسمح لإيران باستيراد قطع غيار السيارات وسيسمح ببيع مشتقات نفطية بقيمة مليون ونصف مليار دولار، وسيكون هناك رخص لشركات أجنبية لصيانة الطائرات الإيرانية المصنعة في الغرب، وسيسمح لها ببيع 402 مليار دولار من النفط، ورفع 400 مليون دولار من الأموال المجمدة لتمويل البعثات الطلابية، كما قد يتم رفع الحظر على استيراد المواد الطبية والغذائية لأسباب إنسانية. ما سر فشل إسرائيل في إقناع أمريكا والدول الغربية بعدم التوقيع على الاتفاق؟ هناك رؤى مختلفة بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل، لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر أن الاتفاق مع إيران سيمنع إيران من صناعة القنبلة النووية، أو على الأقل سيؤخر البرنامج النووي الإيراني لمدة طويلة، كما أنه سيؤدي إلى تفادي الحرب التي لا تريدها الإدارة الأمريكية خاصة في هذه الفترة، كما أن 64 بالمئة من الأمريكيين حسب سبر الآراء يؤيدون حلا تفاوضيا، وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فهو يتحدث منذ التسعينات عن خطر داهم للبرنامج النووي الإيراني، وهو يعلم أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني فسيتم توجيه الأنظار نحو البرنامج النووي الإسرائيلي، وربما يؤدي ذلك إلى تفكيك البرنامج النووي الإسرائيلي، وقد يكون هناك سبب آخر يتعلق بتركيز الأنظار حول الملف الإيراني أو الأزمة السورية لتحويل الأنظار عن الصراع العربي الإسرائيلي، وفي حالة التركيز على هذا النزاع فإن إسرائيل لن ترضى بذلك.