قتل 14 شخصا على الأقل وأصيب 50 آخرون بجروح، أمس، في اشتباكات وقعت بين قوات الجيش الليبي ومليشيات لأنصار الشريعة (السلفية الجهادية) في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، وإثر ذلك أعلن الجيش الليبي "النفير العام" في بنغازي، بينما وعد وزيرا خارجية أمريكا، جون كيري، وبريطانيا، وليام هيغ، بمساعدة ليبيا على تحقيق الاستقرار الذي تحتاجه. استيقظت بنغازي عاصمة الشرق الليبي، أمس، على صوت رصاص اشتباكات بين قوات الصاعقة التابعة للجيش الليبي وجماعة أنصار الشريعة ذات الفكر السلفي الجهادي. وفي بيان لها، طلبت الحكومة من كافة سكان بنغازي ”ضرورة التزام الهدوء حتى تتمكن السلطات الأمنية من ضبط الموقف الأمني من خلال الغرفة الأمنية والقوات الخاصة وقوات الأمن والتعاون الكامل معها”. من جهته، قال المتحدث باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة لتأمين مدينة بنغازي (الحاكم العسكري للمدينة) إن رئيس الغرفة، العقيد عبد الله السعيطي، ”أهاب بكافة العسكريين الالتحاق بثكناتهم ووحداتهم العسكرية بشكل فوري، لافتا إلى أن هذا الأمر يصحبه إعلان لحالة النفير”، مضيفا أن ”كل من يتخلف عن الالتحاق سيتحمل عواقب غيابه قانونيا ويعد ذلك هروبا من حالة النفير والطوارئ القصوى”. وذكر متحدث عسكري لوكالة الأنباء الفرنسية أن العنف نشب عندما استهدف أفراد قوة دورية خاصة كانت قرب مقر أنصار الشريعة. وسمعت أصوات إطلاق نار في ساعات الصباح الباكر، كما شوهدت أعمدة الدخان جزءا من المدينة، وأغلقت المدارس ولزم الناس منازلهم. وشاركت مجموعات مدنية من ثوار مدينة بنغازي بجانب عناصر القوات الخاصة في عمليات اشتباك ومداهمتها للأماكن التي يتركز فيها مسلحون تابعون لجماعة أنصار الشريعة. وقالت مصادر أمنية ليبية، أمس، إن هناك جرحى في صفوف الثوار والمدنيين، نتيجة وقوفهم ومشاركتهم إلى جانب القوات الخاصة خلال القتال. وأضافت أن الاشتباكات بين عناصر القوات الخاصة وجماعة أنصار الشريعة امتدت لعدة مناطق من بينها الماجوري والبركة والليثي وقار يونس. ونقل الجرحى العسكريون والمدنيون إلى مستشفى الجلاء في المدينة وكذلك مستشفى 1200، في حين رفضت ميليشيا أنصار الشريعة إرسال جرحاها إلى هذين المستشفيين. وأقام مسلحون موالون للجيش في مناطق شرقي بنغازي العديد من الحواجز في الطريق إلى المدينة، تحسبا لقدوم قوات مساندة لجماعة أنصار الشريعة من مدينة درنة، حسب ما نقلته وكالة ”فرانس برس” عن شهود عيان. وقال المتحدث باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة لتأمين مدينة بنغازي إن ”أي رتل يدخل أو يخرج من المدينة دون علم الغرفة سيواجه بالقصف عن طريق سلاح طيران القوات الجوية”، مضيفا أنه ”طالما توجد مقاومة على الأرض فستستمر المواجهات لحفظ الأمن والشرعية”. وتأتي هذه الأحداث بعد مقتل وإصابة عشرات الأشخاص، الأسبوع الماضي، في إطلاق نار على محتجين كانوا يطالبون بخروج كتيبة تابعة لمصراتة من طرابلس. وقد سلمت المزيد من الميليشيات قواعدها للجيش الليبي، وانسحبت من العاصمة طرابلس. وشملت عمليات الانسحاب ما يسمى ب«كتيبة القعقاع”، ولواء من ميليشيا تعرف باسم ”اللجنة الأمنية العليا”. وجاء انسحاب الميليشيات إثر اشتباكات دارت الأسبوع الماضي، وقتل فيها أكثر من 45 شخصا، خلال احتجاجات على وجود الميليشيات في طرابلس. وفي سياق آخر، تعرض عقيد بقوات الدفاع الجوي الليبية في مدينة بنغازي، يدعى عبد السلام محمد خلف الله الفيتوري، أمس، لمحاولة اغتيال، حيث استُهدف بعبوة ناسفة وهو يقود سيارته في طريقه إلى عمله، ما أدى إلى بتر قدمه، وهو الآن في العناية المركزة في حالة خطرة. من ناحية أخرى، أعلن وزيرا خارجية أمريكا وبريطانيا استعداد بلديهما لمساعدة ليبيا على تحقيق الاستقرار الذي تحتاجه، بينما جدد رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان، تأكيد أهمية التعاون مع الحلفاء كي تصبح بلاده أكثر استقلالاً وإسهاماً في العالم. من هي جماعة أنصار الشريعة؟ تأسست جماعة أنصار الشريعة، وهو تنظيم دعوي اجتماعي مسلح يهدف لتحكيم الشريعة الإسلامية في ليبيا، في شهر ماي 2012 في مدينة بنغازي، بعد الانفصال عن سرايا راف الله سحاتي، التي شاركت في تأسيسها وقاتلت ضمنها في الثورة الليبية، ومن ثم تشكلت فروع عدة لها في مصراتة وسرت ودرنة وعدد من المدن الليبية الأخرى. وكان أول ظهور إعلامي لأنصار الشريعة، التي يتزعمها محمد علي الزهاي، إثر تنظيم ملتقاها الأول لنصرة الشريعة، والذي حضرته العديد من الكتائب الثورية المسلحة من شتى المدن الليبية كدرنة ومصراتة وسرت. ونسبت إلى هذه الجماعة مسؤولية اغتيال قضاة ومسؤولين أمنيين في بنغازي، كما يشتبه في ضلوعها في الهجوم الذي قتل فيه السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين آخرين في سبتمبر 2012 لكنها تنفي أي صلة لها بهذه الهجمات. وذكرت مصادر محلية أن أنصار الشريعة استفادت من حالة الفراغ الأمني بعد سقوط نظام معمر القذافي، خصوصا في شرق البلاد حيث تسيطر على أحياء في بنغازي وسرت ودرنة. وفي بنغازي، لا تزال أنصار الشريعة تسيطر على المنفذ الغربي للمدينة. وغالبا ما ينسب خبراء ليبيون وأجانب الهجمات في شرق ليبيا إلى جماعات إسلامية منها أنصار الشريعة. ويؤكد الخبراء أن السلطات لا تتجرأ على توجيه اتهام مباشر لهذه المجموعات المدججة بالسلاح، خوفا من حدوث عمليات ثأرية. الوكالات